الانسان نفسه. وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة، فإن السرف في كل شئ مضر بالجسد ومضر بالمعيشة، ويؤدي إلى الاتلاف، فيضر بالنفس إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وتضر بالآخرة حيث تكسب الاثم، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس. وقد علق البخاري عن ابن عباس كل ما شئت واشرب ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرف ومخيلة.
باب البر والصلة البر بكسر الموحدة: هو التوسع في فعل الخير. والبر بفتحها التوسع في الخيرات وهو من صفات الله تعالى. والصلة: بكسر الصاد المهملة مصدر وصله كوعده، في النهاية تكرر في الحديث ذكر صلة الأرحام وهي كناية عن الاحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن تعدوا وأساءوا، وضد ذلك قطيعة الرحم. ا ه.
1 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من أحب أن يبسط) مغير صيغته: أي يبسط الله (له في رزقه) أي يوسع له فيه (وأن ينسأ له) مثله في ضبطه. بالسين المهملة مخففة أي يؤخر له (في أثره) بفتح الهمزة والمثلثة فراء أي أجله (فليصل رحمه أخرجه البخاري). وأخرج الترمذي عن أبي هريرة أن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الاجل وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار وأخرج أبو يعلى من حديث أنس مرفوعا إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء وفي سنده ضعف. قال ابن التين: ظاهر الحديث أي حديث البخاري معارض لقوله تعالى: * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * قال: والجمع بينهما من وجهين. أحدهما: أن الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة إلى أعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر. وحاصله أن صلة الرحم تكون سببا للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت. ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده بتأليف ونحوه، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح. وثانيهما أن الزيادة على حقيقتها وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، والذي في الآية بالنسبة إلى علم الله كأن يقال للملك مثلا: إن عمر فلان مائة إن وصل رحمه وإن قطعها فستون وقود سبق في علمه أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى: * (يمحو الله