وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف متفق عليه). قوله: على فضل ماء أي على ماء فاضل عن كفايته، فهذا منع ما لا حاجة إليه من هو محتاج له، وتقدم الكلام عليه في كتاب البيع.
وقوله وصدقه أي المشتري وضمير هو للاخذ مصدر قوله لاخذها لدلالة فعله عليه مثل * (اعدلوا هو أقرب للتقوى) * أي والاخذ على غير ما حلف عليه فهذا ارتكب أمرين عظيمين الحلف بالله والكذب في قيمة السلعة. وخص بعد العصر لشرف الوقت وهو من أدلة من غلظ بالزمان. وقوله: بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا أي لما يعطيه منها والوعيد يحتمل أنه لمجموع ما ذكر من المبايعة لأجل الدنيا، فإنها نية غير صالحة، ولعدم الوفاء بالخروج عن الطاعة وتفريق الجماعة. والأصل في بيعة الامام أن يقصد بها إقامة الشريعة ويعمل بالحق، ويقيم ما أمر الله بإقامته، ويهدم ما أمر الله بهدمه. ووقع في البخاري ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم فيكون من توعد بهذا النوع من الوعيد أربع. وفي مسلم مثل حديث أبي هريرة قال: وشيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر وأخرج أيضا من حديث أبي ذر مرفوعا ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر والمسبل إزاره فحصل من مجموع الأحاديث تسع خصال إن جعلنا المنفق سلعته بالحلف الكاذب والذي حلف بعد العصر لقد أعطي كذا وكذا: شيئا واحدا، وإن جعلناهما شيئين كما هو الظاهر، فإن المنفق سلعته بالكذب أعم من الذي يحلف لقد أعطي فتكون عشرا.
8 - (وعن جابر رضي الله عنه أن رجلين اختصما في ناقة فقال كل واحد منهما:
نتجت هذه الناقة عندي وأقاما) أي كل واحد (بينة فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي هي في يده). سيأتي من أخرجه، وأخرج الذي بعده، وقد أخرج هذا البيهقي ولم يضعفه. وأخرج نحوه عن الشافعي إلا أن فيه تداعيا دابة ولم يضعف إسناده أيضا. والحديث دليل على أن اليد مرجحة للشهادة الموافقة لها، وقد ذهب إلى هذا الشافعي ومالك وغيرهما، قال الشافعي: يقال لهما قد استويتما في الدعوى والبينة وللذي هو في يده سبب بكينونته في يده هو أقوى من سببك فهو بفضل قوة سببه، وذكر هذا الحديث.
وذهب الهادوية وجماعة من الآل وابن حنبل إلى أنه ترجح بينة الخارج، وهو من لم يكن في يده، قالوا: إذ شرعت له - وللمنكر اليمين - ولقوله صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعي فإنه يقتضي أنه لا تفيد بينة المنكر. ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال من كان في يده شئ فبينته لا تعمل له شيئا ذكره في البحر. وأجيب عن ذلك بأن حديث جابر خاص وحديث البينة على المدعي عام والخاص مخصص مقدم، وأثر علي رضي الله عنه لم يصح، وعلى صحته فمعارض بما سبق. وعن القاسم أنه يقسم بينهما، لان اليد مقوية