الناس بل هو مستوحش منهم لا يكاد يمر بمن يعرفه فيأنس به فهو ذليل في نفسه خائف وكذلك عابر السبيل لا ينفذ في سفره إلا بقوته وتخفيفه من الأثقال غير متشبث بما يمنعه عن قطع سفره، معه زاده وراحلته يبلغانه إلى ما يعنيه من مقصده، وفي هذا إشارة إلى إيثار الزهد في الدنيا وأخذ البلغة مهنا والكفاف، فكما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره فكذلك المؤمن لا يحتاج في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه المحل، وقوله: وكان ابن عمر إلخ قال بعض العلماء: كلام ابن عمر متفرع من الحديث المرفوع وهو متضمن لنهاية تقصير الاجل من العاقل إذا أمسى ينبغي له أن لا ينتظر الصباح إذا أصبح ينبغي له أن لا ينتظر المساء بل يظن أن أجله يدركه قبل ذلك. وفي كلامه الاخبار بأنه لا بد للانسان من الصحة والمرض فيغتنم أيام صحته وينفق ساعاته فيما يعود عليه نفعه فإنه لا يدري متى ينزل به مرض يحول بينه وبين فعل الطاعة ولأنه إذا مرض كتب له ما كان يعمل صحيحا فقد أخذ من صحته لمرضه حظه من الطاعات. وقوله: من حياتك لموتك أي خذ من أيام الحياة والصحة والنشاط لموتك بتقديم ما ينفعك بعد الموت وهو نظير حديث بادروا بالاعمال سبعا ما تنتظروا إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أمرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فإنه شر منتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر أخرجه الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة. 4 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص):
من تشبه بقوم فهو منهم أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان الحديث فيه ضعيف وله شواهد عند جماعة من أئمة الحديث عن جماعة من الصحابة تخرجه عن الضعف، ومن شواهده ما أخرجه أبو يعلي مرفوعا من حديث ابن مسعود من رضي عمل قوم كان منهم والحديث دال على أن من تشبه بالفساق كان منهم أو بالكفار أو المبتدع في أي شئ مما يختصون به من ملبوس أو مركوب أو هيئة، قالوا: فإذا تشبه بالكفار في زي واعتقد أن يكون بذلك مثله كفر فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء منهم من قال: يكفر وهو ظاهر الحديث ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب.
5 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي (ص) يوما فقال: يا غلام احفظ الله جواب الامر (احفظ الله تجده) مثله (تجاهك) في القاموس وتجاهك مثلين تلقاء وجهك، (وإذا سألت) حاجة من حوائج الدارين، (فاسأل الله) فإن بيده أمورهما، وإذا استعنت فاستعن بالله رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وتمامه: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك جفت الأقلام وطويت الصحف، وأخرجه أحمد عن ابن عباس بإسناد حسن بلفظ: كنت رديف النبي (ص) فقال: يا غلام أو يا غليم، إلا