يتكلم به كثير من البلاد فهو لغتهم، لكن إذا تكلم به من كان ذلك لغته فالظاهر أنه لا يشترط فيه قصد اليمين. تأمل. قوله: (ولو مشتركا الخ) وقيل كل اسم لا يسمى به غيره تعالى كالله والرحمن فهو يمين، وما يسمى به غيره كالحليم والعليم، فإن أراد اليمين كان اليمين كان يمينا وإلا لا، ورجحه بعضهم بأنه حيث كان مستعملا لغيره تعالى أيضا لم تتعين إرادة أحدهما إلا بالنية. ورده الزيلعي بأن دلالة القسم معينة لإرادة اليمين، إذ القسم بغيره تعالى لا يجوز، نعم إذا نوى غيره صدق لأنه نوى محتما كلامه. وأنت خبير بأن هذا مناف لما قدمه من أن العامة يجوزون الحلف بغير الله تعالى. نهر.
أقول: هذا غفلة عن تحرير محل النزاع، فإن الذي جوزه العامة ما كان تعليق الجزاء بالشرط لا ما كان فيه حرف القسم كما قدمناه.
والحاصل كما في البحر أن الحلف بالله تعالى لا يتوقف على النية ولا على العرف على الظاهر من مذهب أصحابنا، وهو الصحيح. قال: وبه اندفع ما في الولوالجية، من أنه لو قال:
والرحمن لا أفعل إن أراد به السورة لا يكون يمينا، لأنه يصير كأنه قال والقرآن، وإن أراد به الله تعالى يكون يمينا اه. لان هذا التفصيل في الرحمن قول بشر المريسي: قوله: (والطالب الغالب) فهو يمين وهو متعارف أهل بغداد، كذا في الذخيرة والولوالجية. وذكر في الفتح أنه يلزم إما اعتبار العرف فيما لم يسمع من الأسماء فإن الطالب لم يسمع بخصوصه بل الغالب في قوله تعالى: * (والله غالب على أمره) * (يوسف: 12) وإما كونه بناء على القول المفصل في الأسماء اه. أي من أنه تعتبر النية والعرف في الاسم المشترك كما مر. وأجاب في البحر بأن المراد أنه بعد ما حكم بكونه يمينا أخبر بأن أهل بغداد تعارفوا الحلف بها اه.
قلت: ينافيه قوله في مختارات النوازل: فهو يمين لتعارف أهل بغداد. حيث جعل التعارف علة كونه يمينا فلا محيص عما قاله في الفتح. وأيضا عدم ثبوت كون الطالب من أسمائه تعالى لا بد له من قرينة تعين كون المراد به اسم الله تعالى وهي العرف مع اقترانه بالغالب المسموع إطلاقه عليه تعالى، وهو وإن كان مسموعا لكنه لم يجعل مقسما به أصالة بل جعل صفة له فلا يكون قسما بدونه كما في الأول الذي ليس قبله شئ، فإنه لا يقسم بالأول بدون هذه الصفة، ومثله الآخر الذي ليس بعده شئ، فافهم، وما وقع في البحر من عطف الغالب بالواو هو خلاف الموجود في الولوالجية والذخيرة وغيرهما. قوله: (كما سيجئ) أي بعد ورقة، وسيجئ تفصيله وبيانه. قوله: (وفي المجتبى الخ) المراد به الأسماء المشتركة كما في البحر، وقدمناه آنفا عن الزيلعي معللا بأنه نوى محتمل كلامه، وظاهره أن يصدق قضاء. وعبارة المجتبى: واليمين بغير الله تعالى إذا قصد بها غير الله تعالى لم يكن حالفا بالله، لكن في البحر عن البدائع فلا يكون يمينا، لأنه نوى محتمل كلامه فيصدق في أمر بينه وبين ربه تعالى اه. ولا يصدق قضاء لأنه خلاف الظاهر كما مر.
(تنبيه): اعترض بعض الفضلاء بالقضاء والديانة بما في البحر عند قوله: ولو زاد ثوبا الخ من أن الفرق بن الديانة والقضاء إنما يظهر في الطلاق والعتاق لا في الحلف بالله تعالى، لان الكفارة حقه ليس للعبد فيها مدخل حتى يرفع الحالف إلى القاضي.