أثر حكايته عن أبي حنيفة أن اللغو ما يجري بين الناس مقولهم لا والله وبلى والله، فذلك محمول عندنا على الماضي أو الحال، وعندنا ذلك لغو. فيرجع حاصل الخلاف بيننا وبين الشافعي في يمين لا يقصدها الحالف في المستقبل. فعندنا ليست بلغو وفيها الكفارة. وعنده هي لغو ولا كفارة فيها اه. فقوله فذلك محمول عندنا إلى آخر كلامه خبر قوله وما ذكر محمد إلخ، فهو مبني على تلك الرواية المحكية عن أبي حنيفة، أراد به بيان الفرق بينهما وبين قول الشافعي وذلك أن المستقبل يكون لغوا عنده لا عندنا، قد فهم صاحب البحر من كلام البدائع حيث عبر بقوله:
عندنا وقوله: فيرجع حاصل بيننا الخلاف بيننا وبين الشافعي الخ أن مذهبنا في اليمين اللغو أنها التي لا يقصدها الحالف في الماضي أو الحال كما يقوله الشافعي إلا في المستقبل.
قلت: هذا وإن كان يوهمه آخر كلام البدائع، لكن أوله صريح بخلافه، حيث عزا ما في المتون إلى أصحابنا، ثم نقل ما حكاه محمد عن أبي حنيفة. فعلم أن قوله: عندنا الخ بناء على هذه الرواية كما قلنا وبين المذهب، وهذه الرواية منافاة، فإن حلفه على أمر يظنه كما قال لا يكون إلا عن قصد فينا في تفسير اللغو كالتي لا يقصدها، نعم ادعى في البحر أن المقصود إذا كانت لغوا فالتي لا يقصدها كذلك بالأولى، فيكون تفسيرنا اللغو أعم من تفسير الشافعي. ولا يخفي أن هذا خروج عن الجادة وعن ظاهر كلامهم، ولا بد له من نقل صريح، والذي دعاه إلى هذا التكلف نظره إلى ظاهر عبارة البدائع الأخيرة وقد سمعت تأويلها، وكأن الشارح نظر إلى كلام البحر من أن مذهبنا أعم من مذهب الشافعي، فلذا قال: وخصه الشافعي، فافهم. نعم قد يقال: إذا لم تكن هذه لغوا يلزم أن تكون قسما خارجا عن الأقسام الثلاثة، فالأحسن أن يقال: إن اللغو عندنا قسمان: الأول ما ذكر في المتون، والثاني ما في هذه الرواية، فتكون هذه الرواية بيانا للقسم الذي سكت عنه أصحاب المتون، ويأتي قريبا عن الفتح التصريح بعد المؤاخذة في اللغو على التفسيرين، فهذا مؤيد لهذا التوفيق، والله سبحانه أعلم. قوله: (ولو لآت) أي ولو لزمان آت: أي مستقبل فإنه لغو عند الشافعي لا عندنا حتى على الرواية المحكية عن أبي حنيفة. قوله: (فلذا قال الخ) أي للاختلاف في اللغو.
قال: ويرجى عفوه، وهذا جواب عن الاعتراض على تعليق محمد العفو بالرجاء بأن قوله تعالى: * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) * مقطوع به، فأجاب في الهداية بأنه علقه بالرجاء للاختلاف في تفسير اللغو.
اعترضه في الفتح بأن الأصح أن اللغو بالتفسيرين متفق على عدم المؤاخذة به في الآخرة، وكذا في الدنيا بالكفارة. قال: فالأوجه ما قيل إنه لم يرد به التعليق، بل التبرك باسمه تعالى والتأدب كقوله عليه الصلاة والسلام لأهل المقابر: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وأجاب في النهر بأنه اختلف قال: ولا شك أن تفسير اللغو على رأينا ليس أمرا مقطوعا به إذ الشافعي قائل بأنه من المنعقدة فلا جرم علقه بالرجاء وهذا معنى دقيق ولم أر من عرج عليه اه.
قلت: إنما لم يعرج أحد عليه لما علمت من الاتفاق على عدم المؤاخذة به في الآخرة، وكذا في الدنيا بالكفارة، فافهم. قوله: (وكاللغو الخ) حاصله أنت حلفه على ماض صادقا يمين مع أنه لم يدخل في الأقسام الثلاثة فيكون قسما رابعا وهو مبطل لحصرهم اليمين في الثلاثة. أجاب صدر