قلت: لكن ما ذكره الشارح ليس عبارة القنية وعبارتها كما في البحر، ولو نذر أن يقول دعاء كذا في دبر كل صلاة عشر مرات لم يصح. قوله: (لم يلزمه) وكذا لو نذر قراءة القرآن، وعلله القهستاني في باب الاعتكاف بأنها الصلاة. في الخانية: ولو قال: علي الطواف بالبيت السعي بين الصفا والمروة، أو علي أن أقرأ القرآن إن فعلت كذا لا يلزمه شئ اه.
قلت: وهو مشكل، فإن القراءة عبادة مقصودة ومن جنسها واجب، وكذا الطواف فإنه عبادة مقصودة أيضا. ثم رأيت في لباب المناسك قال في باب أنواع الأطوفة: الخامس طواف الندر وهو واجب ولا يختص بوقت فهذا صريح في صحة النذر به. قوله: (لزمه) لان من جنسه فرضا وهو الصلاة عليه (ص) مرة واحدة في العمر، وتجب كلما ذكر، وإنما هي فرض عملي، قال ح: ومنه يعلم أنه لا يشترط كون الفرض قطعيا ط. قوله: (وقيل لا) لعل وجهه اشتراطه كونه الفرض قطعيا ح.
قوله: (ثم أن المعلق إلخ) أعلم أن المذكور في كتب ظاهر الرواية أن المعلق يجب الوفاء به مطلقا: أي سواء كان الشرط مما يراد كونه: أي يطلب حصوله كإن شفى الله مريضي أو لا، كإن كلمت زيدا أو دخلت الدار فكذا، وهو المسمى عند الشافعية نذر اللجاج، وروي عن أبي حنيفة التفصيل المذكور هنا، وأنه راجع إليه قبل موته بسبعة أيام وفي الهداية: إنه قول محمد وهو الصحيح اه، ومشى عليه أصحاب المتون كالمختار والمجمع ومختصر النقابة والملتقى وغيرها، وهو مذهب الشافعي، وذكر في الفتح أنه المروي في النوادر وأنه مختار المحققين، وقد انعكس الامر على صاحب البحر، فظن أن هذا له لا أصل في الرواية وأن رواية النوادر أنه مخير فيهما مطلقا، وأن في الخلاصة قال: وبه يفتي، وقد علمت أن المروي في النوادر هو التفصيل المذكور، ذكر في النهر أن الذي في الخلاصة هو التعليق بما لا يراد كونه فالاطلاق ممنوع اه.
والحاصل: أنه ليس في المسألة سوى قولين: الأول ظاهر الرواية عدم التخيير أصلا. والثاني التفصيل المذكور. وأما ما توهمه في البحر من القول الثالث هو التخيير مطلقا وأنه المفتي به فلا أصل له، كما أوضحه العلامة الشرنبلالي في رسالته المسماة تحفة التحرير، فافهم. قوله: (بشرط يريده الخ) انظر لو كان فاسقا يريد شرطا هو معصية فعلق عليه كما في قول الشاعر:
علي إذا ما زرت ليلي بخفية زيارة بيت الله رجلان حافيا فهل يقال: إذا باشر الشرط يجب عليه المعلق أم لا؟ ويظهر لي الوجوب لان المنذور طاعة وقد علق وجوبها على شرط، فإذا حصل الشرط لزمته، وإن كان الشرط معصية يحرم فعلها، لأن هذه الطاعة غير حاملة على مباشرة المعصية بل بالعكس، وتعريف النذر صادق عليه ولذا صح النذر في قوله: إن زنيت بفلانة لكنه بتخير بينه وبين كفارة اليمين، لأنه إذا كان لا يريده يصير فيه معنى اليمين فيتخير كما يأتي تقريره، بخلاف ما إذا كان يريده لفوات معنى اليمين فينبغي الجزم بلزوم المنذور فيه وإن لم أره صريحا، فافهم. قوله: (لأنه نذر بظاهره الخ) لأنه قصد به المنع عن إيجاد الشرط فيميل إلى أي الجهتين شاء، بخلاف ما إذا علق بشرط يريد ثبوته، لان معنى اليمين وهو