حنيفة يقول بوضع الجزية إذا كانوا يقدرون على العمل، وهو قول أبي يوسف. قال عمرو بن أبي عمر: قلت لمحمد: فما قولك؟ قال: القياس ما قال أبو حنيفة، كذا في شرح القدوري للأقطع اه.
وبه علم أن هذا في المخالط على أن هذه الصيغة من محمد تفيد اختيار قول أبي حنيفة ولا تفيد أن مقابله هو الاستحسان الذي يقدم على القياس، ووجه كونه هو القياس أنا لو ظهرنا على دار الحرب لنا أن نقتل الراهب المخالط، بخلاف غير المخالط، وقد مر أن من لا يقتل لا توضع الجزية عليه، وهذا القياس هو مفهوم ما جرى عليه أصحاب المتون فيكون هو المذهب، وما مر عن الخانية يمكن حملة عليه، فلا يلزم أن يكون ظاهر الرواية، فافهم. قوله: (لم توضع عليه) لان وقت الوجوب أول السنة عند وضع الامام، فإن الامام يجدد الوضع عند رأس كل سنة لتغير أحوالهم ببلوغ الصبي وعتق العبد وغيرهما فإذا احتلم وعتق العبد بعد الوضع فقد مضى وقت الوجوب، فلم يكونا أهلا للوجوب، ولوالجية. قوله: (بخلاف الفقير) أي غير المعتمل إذا أيسر بالعمل فإنها توضع عليه ط. قوله: (لان سقوطها لعجزه) لان الفقير أهل لوضع الجزية كما في الاختيار: أي لكونه حرا مكلفا، لكنه معذور بالفقر، فإذا زال أخذت منه، لكن إن بقي من الحول أكثره على ما قدمنا تحريره. قوله: (كما طعن الملحدة) أي الطاعنين (1) في الدين، قال في المصباح: ألحد الرجل في الدين لحدا وألحد إلحادا: طعن. قوله: (إنما هي عقوبة لهم) ولأنها دعوة إلى الاسلام بأحسن الجهات، وهو أن يسكن بين المسلمين فيرى محاسن الاسلام، فيسلم مع دفع شره في الحال: قهستاني. قوله: (فإذا جاز إمهالهم) أي تأخيرهم بلا جزية للاستدعاء إلى الايمان: أي لأجل دعائهم إليه بمحاربتهم وقتالهم بدونها فيها أولى: أي فإمهالهم للاستدعاء إلى الايمان بالجزية أولى، لان مخالطتهم للمسلمين ورؤيتهم حسن سيرتهم تدعوهم إلى الاسلام كما علمت، فيحصل المقصود بلا قتال فيكون أولى، هذا ما ظهر لي في تقرير كلامه، وقد صرح أبو يوسف في كتاب الخراج بأنه لا يجوز ترك واحد بلا جزية، فعلم أن المراد ما قررناه، فتأمل.
قوله: (تعالى الخ) لا حاجة إلى سوق الدليل النقلي هنا، لان الملحد معترض على مشروعية هذا الحكم من أصله. قوله: (ونصارى نجران) بلدة من بلاد همدان من اليمن. مصباح. وفي الفتح:
روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: صالح رسول الله (ص) أهل نجران على ألفي حلة، النصف في صفر، والنصف في رجب. قوله: (ثم فرع عليه) أي على كونها عقوبة على الكفر. قوله: (ولو بعد تمام السنة) يجب أن تحمل البعدية على المقارنة للتمام،