وحاصله أنه إن أفضاها وهي كبيرة مطاوعة بلا دعوى شبهة حد، ولا عقر عليه لرضاها به، ولا مهر لوجوب الحد، وإن كان مع دعوى شبهة فلا حد ويجب العقر، وإن كانت مكرهة ولم يدع شبهة لزمه الحد لا المهر، وضمن ثلث الدية إن استمسك بولها، وإلا فكلها لتفويته جنس المنفعة على الكمال، وإن ادعى شبهة فلا حد، ثم إن استمسك فعليه ثلث الدية، ويجب المهر في ظاهر الرواية، وإن لم يستمسك فكل الدية ولا مهر، خلافا لمحمد. وإن أفضاها وهي صغيرة، فإن كان يجامع مثلها فكالكبيرة، إلا في حق سقوط الأرش برضاها، وإلا فلا حد ولزمه ثلث الدية والمهر كاملا إن استمسك بولها، وإلا فكل الدية دون المهر، خلافا لمحمد لدخول ضمان الجزء لضمان الكل، كما لو قطع أصبع إنسان ثم كفه قبل البرء اه. قوله: (فلا حد عليه اتفاقا) لأنه ملكها بالضمان فأورث شبهة في ملك المنافع أخذا مما مر، وهذا إذا لم تمت.
ففي الجوهرة: ولو غصب أمة فزنى بها فماتت من ذلك أو غصب حرة ثيبا فزنى بها فماتت من ذلك. قال أبو حنيفة: عليه الحد في الوجهين مع دية الحرة وقيمة الأمة، أما الحرة فلا إشكال فيها لأنها لا تملك بدفع الدية، وأما الأمة فإنها تملك بالقيمة، إلا أن الضمان وجب بعد الموت والميت لا يصلح تملكه. قوله: (كما لو زنى بحرة) تقدمت متنا في الباب السابق عند قوله وندب تلقينه. قوله: (لا يسقط الحد) أي في المسألتين لعدم الشبهة وقت الفعل كما ذكره الشارح هناك.
وقوله اتفاقا ذكره في: الفتح عن جامع قاضيخان في المسألة الأخيرة، وقدم الشارح أنه الأصح، ومفاده الخلاف. وذكر في البحر عن المحيط: لو تزوج المزني بها أو اشتراها لا يسقط الحد في ظاهر الرواية لأنه لا شبهة له وقت الفعل اه. ثم ذكر في أول هذا الباب عن الظهيرية خلافا في المسألتين، هو أنه لا حد فيهما عنده بل عند أبي يوسف. وروى الخلاف بالعكس. وروى الحسن عن الامام أنه لا حد في الشراء بل في التزوج، لأنه بالشراء يملك عينها، بخلاف التزوج.
قلت: ومسألة الغصب الثانية التي ذكرها المصنف توافق ظاهر الرواية. قوله: (أما بتمكينه) أي تمكين الخليفة ولي الحق من الاستيفاء. قوله: (وبه علم الخ) لأنه لم يشترط القضاء هنا، فلو قتل الولي القاتل قبل القضاء لم يضمن وكذا لو أخذ ماله من غاصبه، بخلاف ما لو قتل أحد الزاني قبل القضاء برجمه فإنه يضمن كما مر، لان القضاء شرطه. قوله: (ولا ولاية لاحد عليه) أي ليستوفيه.
وفائدة الايجاب الاستيفاء، فإذا تعذر لم يجب. وأورد عليه ما المانع من أن يولي غيره الحكم بما يثبت عنده كما في الأموال، قيل ولا مخلص إلا إن ادعى أن قوله تعالى: * (فاجلدوا) * (سورة النور: الآية 2) يفهم أن الخطاب للامام أن يجلد غيره، وقد يقال أين دليل إيجاب الاستنابة. فتح. والله سبحانه أعلم.