قوله: (وقيل لا) أقول هذا هو المذهب، لأنه هو المذكور في كافي الحاكم الشهيد، حيث قال:
وإذا شهد الشهود على رجل بزنا قديم لم آخذ بشهادتهم ولا أحدهم اه. ولذا قال الكرخي: إنه الظاهر: أي ظاهر الرواية. وعلله في العناية بأن عددهم متكامل وأهلية الشهادة موجودة وذلك بمنع أن يكون كلامهم قذفا. قوله: (بغائبة) أي والشهود يعرفونها، إذ لا حد عليه بعدم معرفتها كما يأتي.
شرنبلالية. قوله: (ولو على سرقة) مثله القذف كما يشير إليه تعليله ح. قوله: (لشرطية الدعوى الخ) أي أنها شرط للعمل بالبينة، لان الشهادة بالسرقة تتضمن الشهادة بملك المسروق للمسروق منه فلا تقبل بلا دعوى، وليست شرطا لثبوت الزنا عند القاضي، ولا يقال: يحتمل أن الغائبة لو حضرت تدعي النكاح فيسقط الحد. لأنا نقول: دعواها النكاح شبهة واحتمال دعواها ذلك شبهة الشبهة فلا تعتبر، وإلا أد إلى نفي كل حد لان ثبوته بالبينة أو الاقرار. ويحتمل أن يرجع المقر أو الشهود، وذلك لا يعتبر، لان نفس هذا الرجوع شبهة واحتماله شبهة الشبهة. أفاده في الفتح. قوله: (حد) لأنه لا يخفى عليه من له فيها شبهة فإنه كما لا يقر على نفسه كاذبا لا يقر على نفسه حال الاشتباه، فلما أقر بالزنا كان فرع علمه أنها لم تشتبه عليه، وصار معنى قوله لم أعرفها: أي باسمها ونسبها، ولكن علمت بأنها أجنبية، فكان هذا كالمنصوص عليه، بخلاف الشاهد فإنه يجوز أن يشهد على من تشتبه عليه فلا يكون قول الشاهد لا أعرفها موجبا للحد: فتح. قوله: (لاحتمال أنها امرأته أو أمته) لو قال لاحتمال أن يكون له فيها شبهة لكان أعم اه ح. وفي كافي الحاكم: وإن قال المشهود عليه إن التي رأوها معي ليست لي بامرأة ولا خادم لم يحد أيضا لتصور أن تكون أمة ابنه أو منكوحته نكاحا فاسدا. بحر. قوله: (كاختلافهم في طوعها) بأن شهد اثنان أنه أكرهها وآخران أنها طاوعته لم يحدا عنده. وقالا: يحد الرجل لاتفاقهم على أنه زنى، وتفرد اثنان منهم بزيادة جناية وهي الاكراه، وله أنه زناءان مختلفان لم يكمل في كل نصاب، لان زناها طوعا غير مكرهة فلا حد، ولا الطوع يقتضي اشتراكهما في الفعل والكره يقتضي تفرده فكانا غيرين ولم يوجد في كل نصاب. ثم إن اتفاق الشهود على النسبة إلى الزنا بلفظ الشهادة مخرج لكلامهم من أن يكون قذفا، وتمامه في الزيلعي.
قوله: (ولو على كل زنا أربعة) راجع لقوله: أو في البلد كما اقتضاه كلام الشراح في تصويرهم المسألة وتعليلهم بامتناع فعل واحد في ساعة واحدة في مكانين متباينين فتيقنا بكذب أحد الفريقين.
وظاهره أنه لو شهد أربعة بالطوع وأربعة بالاكراه يحدان، وبه جزم محشي مسكين معللا بعدم التيقن بكذب أحد الفريقين حيث لم يذكروا وقتا واحدا، وجزم ج بأن لا حد لما مر أول الباب السابق من أن الحد يسقط في دعوى الاكراه إذا برهن. قال: ومعلوم أن ذلك بعد ثبوت الحد عليه بالبينة، والبينة المثبتة للحد لا بد وأن تشهد بالطوع اه.
قلت: هذا إنما يظهر إذا ذكروا وقتا واحدا، وإلا فيمكن حمله على فعلين: أحدهما بالاكراه، والآخر بالطوع. وأما ما مر في الباب السابق فهو فيما إذا شهد أربعة على زناه طوعا وأقام شاهدين