علم بذلك فقيد العقوبة بما إذا علم، ومثله ما مر عن كافي الحاكم. وفي الفتح: لم يجب عليه الحد عند أبي حنيفة وسفيان الثوري وزفر وإن قال علمت أنها علي حرام، ولكن يجب الحد ويعاقب عقوبة هي أشد ما يكون من التعزير سياسة لا حدا مقدرا شرعا إذا كان عالما بذلك. وإن لم يكن عالما لا حد ولا عقوبة تعزير اه.
وقد يجاب بأن قوله ولا عقوبة تعزير المراد به نفي أشد ما يكون، فلا ينافي أن يعزر بما يليق بحاله حيث جهل أمرا لا يخفى عادة. تأمل. قوله: (خلافا لهما) أي في ذات المحرم فقط كما مر.
قوله: (فظهر أن تقسيمها الخ) إن أراد التقسيم من حيث الحكم فهي اثنان عند الكل، غايته أن حكم شبهة العقد عند الامام حكم شبهة المحل. وعندهما: حكم شبهة الفعل، وإن أراد التقسيم من حيث المفهوم فهي اثنان أيضا، لان شبهة العقد منها ما هو شبهة الفعل كمعتدة الثلاث كما صرح به في النهر في باب ثبوت النسب، ومنها ما هو شبهة المحل كمسألة المتن اه ح. قوله: (وحد بوطئ أمة أخيه الخ) أي وإن قال ظننت أنها تحل لي، لأنه لا شبهة في الملك ولا في الفعل لعدم انبساط كل في مال الآخر، فدعوى ظنه الحل غير معتبرة. ومعنى هذا أنه علم أن الزنا حرام، لكنه ظن أن وطأه هذه ليس زنا محرما فيعارض ما مر عن المحيط من أن شرط وجوب الحد أن يعلم أن الزنا حرام.
فتح. قوله: (سوى الولاد) بالكسر مصدر ولدت المرأة ولادا وولادة: أي سوى قرابة الولادة: أي قرابة الأصول أو الفروع فلا حد فيها، لكن لا يحد في قرابة الأصول إذا ظن الحل كما مر. قوله:
(وجدت على فراشه) يعني في ليلة مظلمة كما في الخانية. شرنبلالية. فيعلم حكم النهار بالأولى.
قوله: (إلا إذا دعاها) يعني الأعمى، بخلاف البصير كما في الخانية، وهو ظاهر عبارة الزيلعي والفتح أيضا.
ثم اعلم أن ما ذكره المصنف والشارح هو المذكور في المتون والشروح، وعزاه في التاترخانية إلى المنتقى والأصل، لكنه قال بعد ذلك: وفي الظهيرية رجل وجد في بيته امرأة في ليلة ظلماء فغشيها وقال ظننت أنها امرأتي لا حد عليه، ولو كان نهارا يحد. وفي الحاوي: وعن زفر عن أبي حنيفة فيمن وجد في حجلته أو في بيته امرأة فقال ظننت أنها امرأتي، إن كان نهارا يحد، وإن كان ليلا لا يحد. وعن يعقوب عن أبي حنيفة أن عليه الحد ليلا كان أو نهارا، قال أبو الليث:
وبرواية زفر يؤخذ اه.
قلت: ومقتضاه أنه لا حد على الأعمى ليلا كان أو نهارا. قوله: (وجاز) أي العطف على ضمير الرفع المتصل. قوله: (لا يحد الحربي الخ) أي خلافا لأبي يوسف، فعنده يحد الحربي المستأمن أيضا. وقال محمد: لا يحد واحد منهما، غير أنه قال في العكس: وهو ما لو زنى ذمي بمستأمنة كقول الامام من أن الذمي يحد.