الأخريين فقط يصح، ويلزمه سجود السهو لو ساهيا لكن سببه على الأول تعيير الفرض عن محله وتكون قراءته قضاء عن قراءته في الأوليين، وسببه على الثاني ترك الواجب وتكون قراءته في الأخريين أداء، كذا في نوافل البحر وفيه من سجود السهو.
واختلفوا في قراءته في الأخريين: هل هي قضاء أو داء؟ فذكر القدوري أنها أداء لان الفرض القراءة في ركعتين غير عين. وقال غيره: إنها قضاء في الأخريين استدلالا بعدم صحة اقتداء المسافر بالمقيم بعد خروج الوقت، وإن لم يكن قرأ الامام في الشفع الأول ولو كانت في الأخريين أداء لجاز لأنه يكون اقتداء المفترض بالمفترض في حق القراءة، فلما لم يجز علم أنها قضاء وأن الأخريين خلتا عن القراءة، وبوجوب القراءة على مسبوق أدرك إمامه في الأخريين ولم يكن قرأ في الأوليين، كذا في البدائع ا ه.
أقول: لي ها هنا إشكال، وهو أنه لا خلاف عندنا في فرضية القراءة في الصلاة وإنما الكلام في تعيين محلها. وحاصل الأقوال الثلاثة أن تعيينها في الأوليين فرض أو واجب أو سنة، وقد علمت تصحيح القول الأول، وحينئذ فلا يخلو إما أن يراد أنه فرض قطعي أو فرض عملي وهو ما يفوت الجواز بفوته. وعلى كل يلزم من عدم القراءة في الأليين فساد الصلاة، كما لو أخر الركوع عن السجود، ولا قائل بذلك عندنا فيتعين المصير إلى القول بالوجوب الذي عليه المتون. والذي يظهر لي أن في المسألة قولين فقط، وأن القول الأول والثاني واحد، فقولهم: محلها الركعتان الأوليان عينا معناه أن التعيين فيهما واجب، وهو المراد بالقول الثاني، فيكون تأخير القراءة إلى الأخريين قضاء مثل تأخير السجدة من الركعة الأولى إلى آخر الصلاة، ويقابل ذلك القول بأن تعيين الأوليين أفضل، وعليه فالقراءة في الأخريين أداء لا قضاء، وهما القولان اللذان ذكرهما صاحب البحر في السهو عن البدائع، ويدل لذلك أن صاحب المنية ذكر من واجبات الصلاة تعيين القراءة في الأوليين، فقال في الحلية: وهذا عند القائلين بأن محلها الركعتان الأوليان عينا، وقد عرفت أنه الصحيح، وعليه مشى في الخلاصة والكافي. وأما عند القائلين بأن محلها ركعتان منها بغير أعيانهما، فظاهر قولهم إن القراءة في الأوليين أفضل أنه ليس بواجب، بل الظاهر أنه سنة، وغير خاف أن ثمرة الخلاف تظهر في وجوب سجود السهو إذا تركها في الأوليين أو في إحداهما سهوا لتأخير الواجب سهوا عن محله، وعلى السنة لا يجب ا ه ملخصا. وهو صريح في أن الأقوال اثنان لا ثلاثة، وفي أن المراد بالقول بأن محل القراءة الأوليان عينا هو الوجوب لا الافتراض، وظهر بهذا أن صاحب البحر لم يصب في بيان الأقوال ولا في التفريع عليها، كما لم يصب من نقل عبارته على غير وجهها، وبما قررناه ارتفع الاشكال واتضح الحال.
والحاصل أنه قيل: إن محل القراءة ركعتان من الفرض غير عين، وكونها في الأوليين أفضل.
وقيل إن محلها الأوليان منه عينا فيجب كونها فيهما، وهو المشهور في المذهب الذي عليه المتون وهو المصحح. وعلمت تأييده بما مر في عبارة البحر عن البدائع من مسألة المسافر والمسبوق.
وقال القهستاني: إنه الصحيح من مذهب أصحابنا، فلا جرم قال الشارح على المذهب فافهم.
الحمد لله على التوفيق والهداية إلى أقوم طريق. قوله: (على كل السورة) حتى قالوا: لقرأ حرفا من السورة ساهيا ثم تذكر يقرأ الفاتحة ثم السورة، ويلزمه سجود السهو. بحر. وهل المراد بالحرف