وأما الحائض فإذا طهرت لتمام العشرة فقد خرجت من الحيض ولم يبق معها سوى الجنابة فهي كالجنب. وأما إذا انقطع دمها لدون العشرة فلا تخرج من الحيض ما لم يحكم عليها بأحكام الطاهرات، بأن تصير الصلاة دينا في ذمتها أو تغتسل أو تتيمم بشرطه كما سيأتي في بابه، وقولهم:
أو تتيمم بشرطه، أرادوا به التيمم الكامل المبيح لصلاة الفرائض، وهو ما يكون عند العجز عن استعمال الماء.
وأما التيمم لصلاة جنازة أو عيد خيف فوتها فغير كامل، لأنه يكون مع حضور الماء ولهذا لا تصح صلاة الفرض به ولا صلاة جنازة حضرت بعده، فعلمنا بذلك أنها لو تيممت لذلك لم تخرج من الحيض، لان ذلك التيمم غير كامل. ولا يصح ذلك التيمم لقيام المنافي بعد وهو الحيض وعدم وجود شرطه وهو فقد الماء، نعم لو تيممت لذلك مع فقد الماء حكم عليها بالطهارة وجازت صلاتها به من الفرائض وغيرها لأنه تيمم كامل، ومراد الظهيرية التيمم الناقص، وهو ما يكون مع وجود الماء، فالتفصيل الذي ذكره في الحائض صحيح لا غبار عليه، كأنه في البحر ظن أن مراده التيمم الكامل وليس كذلك كما لا يخفى.
بقي الكلام في عبارة الشارح فقوله: طهرت لعادتها في غير محله لان قول المصنف ولو جنبا أو حائضا مفروض في التيمم الكامل الذي يكون عند فقد الماء، والحائض يصح تيممها عند فقد الماء إذا طهرت لتمام العشرة أو لدونها، ويجب عليها أن تغتسل أو تتيمم عند فقد الماء، سواء انقطع لتمام عادتها أو لدون عادتها كما سيأتي في بابه، ويأتي فيه أنه إذا انقطع لتمام العادة يحل لزوجها قربانها كما لو انقطع لتمام العشرة، وإن لدون عادتها لا يحل له قربانها، فالتقييد بالعادة في كلام الشارح إنما يفيد بالنظر إلى القربان فقط، فكان الواجب إسقاطه لابهامه أنه لو كان لدون العادة لا يصح تيممها مع أنه يجب عليها إذا فقدت الماء لوجود الصلاة عليها كما علمت. والذي أوقعه عبارة النهر المبنية على ما فهمه صاحب النهر من كلام الظهيرية، فافهم. قوله: (بمطهر) متعلق بتيمم، ويجوز أن يتعلق بمستوعبا، وجعله العيني صفة لضربتين فهو متعلق بمحذوف: أي ملتصقتين بمطر. نهر.
قلت: والأخير أولى، لئلا يلزم تعلق حرفي جر بمعنى واحد بمتعلق واحد، إلا أن نجعل الباء في بضربتين للتعدية وفي بمطهر للملابسة أو بالعكس. تأمل. وتعبيره بمطهر أولى من تعبيرهم بطاهر، لاخراج الأرض المتنجسة إذا جفت كما قدمه الشارح.
وأما إذا تيمم جماعة من محل واحد فيجوز كما سيأتي في الفروع لأنه لو يصر مستعملا، إذ التيمم إنما يتأدى بما التزق بيده لا بمفضل، كالماء الفاضل في الاناء بعد وضوء الأول، وإذا كان على حجر أملى فيجوز بالأولى. نهر. قوله: (من جنس الأرض) الفارق بين جنس الأرض وغيره أن كل ما يحترق بالنار فيصير رمادا كالشجر والحشيش أو ينطبع ويلين كالحديد والصفر والذهب والزجاج ونحوها، فليس من جنس الأرض. ابن كمال عن التحفة. قوله: (نقع) بفتح فسكون كما قال تعالى: * (فأثرن به نقعا) * (العاديات: 4). قوله: (لم يحتج الخ) أي بل يخلل من غير ضربه، وليس