منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ٣ - الصفحة ٣١٢
مقتضاهما وجوب المماثلة العرفية في الحقيقة والمالية، {1} وهذا يقتضي اعتبار المثل حتى في القيميات، سواء وجد المثل فيها أم لا. أما مع وجود المثل فيها، كما لو أتلف ذراعا من كرباس طوله عشرون ذراعا متساوية من جميع الجهات. فإن مقتضى العرف والآية إلزام الضامن بتحصيل ذراع آخر من ذلك، ولو بأضعاف قيمته ودفعه إلى مالك الذراع المتلف، مع أن القائل بقيمية الثوب لا يقول به، وكذا لو أتلف عليه عبدا وله في ذمة المالك بسبب القرض أو السلم عبد موصوف بصفات التالف، فإنهم لا يحكمون بالتهاتر القهري، كما يشهد به ملاحظة كلماتهم في بيع عبد من عبدين. نعم ذهب جماعة منهم الشهيدان في الدروس والمسالك
____________________
ولكن الأنصاف أن مقتضى اطلاق الآية الشريفة - لا سيما بعد ملاحظة موردها و هو مقاتلة المشركين في الشهر الحرام، وما عن التهذيب عن الإمام الصادق عليه السلام في الرجل قتل رجلا في الحرم أو سرق في الحرام قال عليه السلام: يقام عليه الحد وصاغرا لأنه لم ير للحرم حرمة وقد قال لله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فقال: هذا هو في الحرم، وقال: (لا عدوان إلا على الظالمين) فقال: هذا هو في الحرم، و قال: (لا عدوان إلا على ظالمين) (1) هو إرادة الأعم من المماثلة في الاعتداء والمعتدى به وكيفياته، إلا أنها لا تدل على الضمان واشتغال الذمة، بل تدل على جواز الاعتداء بالمثل، فلو تصرف في حنطته جاز له التصرف في حنطته أيضا، ولا تدل على أزيد من ذلك.
ثم يقع الكلام في أنه على فرض دلالة الآية على الضمان هل تدل على أن ضمان المثلي إنما يكون بالمثل والقيمي بالقيمة كما عن شيخ الطائفة {1} أو تدل على وجوب المماثلة في الحقيقة والمالية في جميع الموارد كما اختاره المصنف ره أم تدل على غير ذلك.
محتملاتها أربعة:
الأول: أن يراد بالمماثلة المماثلة المطلقة - أي المماثلة في الحقيقة والمالية - من جهة أن المماثلة المطلقة هي المماثلة بلا عناية، ولازم ذلك ما أفاده الشيخ ره من أنه لو نقص قيمة المثل عن التالف لا يجتزي به في مقام الأداء.
الثاني: أن يراد بها المماثلة في الحقيقة خاصة، من جهة أنها المماثلة العرفية

(1) الوسائل باب 14 من أبواب مقدمات الطواف من كتاب الحج حديث 1.
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست