وتوضيحه ما ذكره بعض من أن المعتبر العرف والعادة عند عدن الشرع، وكما أن عرف تلك البلد التقدير فيلزمه حكمه، عرف الآخر الجزاف مثلا فيلزمه حكمه صرفا للخطاب إلى المتعارف من الجانبين، وردا للناس إلى عوائدهم كما في القبض والحرز والإحياء، وإلا لزم الخطاب بما لا يفهم.
وأورد عليه صاحب الجواهر بمنافيته مع خبر علي بن إبراهيم المتقدم، وبأنه يجب تقييده أيضا بما إذا لم يعلم سبق الاختلاف بالاتفاق; فإن المتجه حينئذ عدم الربا وإن لم يعلم أن الاتفاق كان على عدم التقدير، ضرورة الاكتفاء في نفي الحرمة باحتمال عدم التقرير للأصل وغيره.
ولكن: قد عرفت أن قاعدة الرجوع إلى عرف الشارع ومع عدمه إلى العام ومع انتفائه إلى العرف الخاص غير مربوط بالمقام مما يكون المفهوم مبينا لا كلام فيه، والنزاع إنما هو في أنه هل لمصداق خاص منه خصوصية أم لا؟
ثانيهما: ما في الجواهر قال: لاستصحاب هذا الحال إلى زمان الخطاب، فينساق الذهن حينئذ إلى أن لكل بلد حكم نفسه إذ هو صادق عليه اسم التقدير وعدمه، والأول علة للربا كما أن الثاني علة لعدمه، فاعمالها معا بعد عدم الترجيح بينهما يقضي بذلك.
وفيه أنه لا مدرك لحجية هذا الاستصحاب لا من بناء العقلاء ولا من الأخبار، والاستصحاب القهقري وإن كان حجة في بعض الموارد إلا أن مدركه بناء العقلاء غير الشامل للمقام.
فالحق أن يقال: بناء على ما اخترناه من كون هذه القضية من قبيل القضايا الحقيقة يكون المعيار بلد العاقد وزمانه، وأما على مسلك القوم فمع عدم إحراز الحال عصر الشارع لا محالة يشك في جريان الربا فيه وعدمه; لاحتمال كونه مكيلا أو موزونا