وهذا هو الأحوط، هذا في من لا يعرف له أصل مال، فأما إذا عرف له أصل مال فادعى أنه تلف وأنه محتاج لا يقبل قوله إلا ببينة لأن الأصل بقاء المال. وهكذا الحكم في العبد إذا ادعى أن سيده أعتقه أو كاتبه وأنه يستحق الصدقة فإنه لا يقبل ذلك إلا ببينة لأن الأصل بقاء الرق.
ويعتبر مع الفقر والمسكنة الإيمان والعدالة، فإن لم يكن مؤمنا أو كان فاسقا فإنه لا يستحق الزكاة، والمخالف إذا أخرج زكاته ثم استبصر كان عليه إعادة الزكاة لأنه أعطاها لغير مستحقها. ويجوز أن يعطي أطفال المؤمنين الزكاة، ولا يجوز أن يعطي الزكاة أطفال المشركين.
يجوز أن يعطي الزكاة لمن كان فقيرا - ويستحيي من أخذه - على وجه الصلة وإن لم يعلم أنه من الزكاة المفروضة.
ومن أعطي زكاة ليفرقها وكان محتاجا جاز له أن يأخذ مثل ما يعطي غيره، فإن عين له على أقوام لم يجز له أن يأخذ منها شيئا.
العامل هو الذي يجبي الصدقة، فإذا جباها استحق سهما منها، ولا يستحق فيما يأخذه الإمام بنفسه أو فرقه رب المال بنفسه لأنه لم يعمل.
وإذا أراد الإمام أن يولي رجلا على الصدقات احتاج أن يجمع ست شرائط:
البلوغ والعقل والحرية والإسلام والأمانة والفقه، فإن أخل بشئ منها لم يجز أن يوليه.
فإذا قبض الإمام الصدقات بنفسه لم يجز له أن يأخذ منها شيئا بلا خلاف عندنا لأن الصدقة محرمة عندنا عليه، وعند الفقهاء لأن له رزقا من بيت المال على تولية أمر المسلمين فلا يجوز أن يأخذ شيئا آخر، وكذلك خليفة الإمام على أقليم أو بلد إذا كان عمل على الصدقات وجباها فلا يستحق عوضا على ذلك، لكن إن تطوع به جاز لأنه قائم مقام الإمام.
وإذا ولى الإمام رجلا للعمالة فإنه يستحق العوض، ثم لا يخلو حاله من ثلاثة أقسام: إما أن يكون من ذوي القربى، أو من مواليهم، أو لا منهم ولا من مواليهم.