وإن صرفه في غير ذلك استرجع فيه عند الفقهاء، ويقوي عندي أنه لا يسترجع لأنه لا دليل عليه، وسواء في ذلك عجز نفسه أو تطوع إنسان عنه أو أبرأه مالكه من مال الكتابة.
وأما الغارمون فصنفان: صنف استدانوا في مصلحتهم ومعروف في غير معصية ثم عجزوا عن أدائه فهؤلاء يعطون من سهم الغارمين بلا خلاف. وقد ألحق بهذا قوم أدانوا مالا في دم - بأن وجد قتيل لا يدرى من قتله وكاد أن تقع بسببه فتنة فتحمل رجل ديته لأهل القتيل - فهؤلاء أيضا يعطون أغنياء كانوا أو فقراء لقوله عليه السلام: لا تحل الصدقة لغني إلا لخمس: غاز في سبيل الله أو عامل عليها أو غارم. وألحق به أيضا قوم تحملوا في ضمان مال، بأن يتلف مال الرجل ولا يدري من أتلفه وكاد أن يقع بسببه فتنة فتحمل رجل قيمته وأطفا الفتنة.
والغارمون في مصلحة أنفسهم فعلى ثلاثة أضرب:
ضرب: أنفقوا المال في الطاعة كالحج والصدقة ونحو ذلك.
وضرب: أنفقوه في المباحات من المأكول والملبوس، فهذان يدفع إليهما مع الفقر لأنهم محتاجون ولا يدفع إليهم مع الغنى.
والضرب الثالث: من أتلف ماله في المعاصي كالزنا وشرب الخمر واللواط، فإن كان غنيا لم يعط شيئا، وإن كان فقيرا نظر، فإن كان مقيما على المعصية لم يعطه لأنه إعانة على المعصية، وإن تاب فإنه يجوز أن يعطي من سهم الفقراء ولا يعطي من سهم الغارمين.
وكل من قلنا أنه يعطي من الصدقات - من مكاتب وغارم وغيرهما - فإنما يعطي إذا كان مسلما مؤمنا عدلا، فأما إذا كان كافرا فإنه لا يعطي، وكذلك حكم المخالف والفاسق.
إذا أعطى الغارم فإنما يعطي بقدر ما عليه من الدين لا يزاد عليه لقوله عليه السلام: أو رجل حمل حمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسكه. وإذا أعطي