ضمان عليه على حال.
وإنما قلنا: إن تفرقتها في بلده أولى، لقول النبي صلى الله عليه وآله لمعاذ:
أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فثبت أنه للحاضرين.
فإذا ثبت هذا وكان الرجل ببلد والمال في ذلك البلد فعليه أن يفرقه في ذلك البلد ولا يجوز له نقلها إلا على ما قلناه، فإن كان هو في موضع وماله في موضع آخر وكان ما له زرعا أو ثمارا أخرج صدقته في موضع ماله، وإن كان غير ذلك من الأموال التي يعتبر فيها الحول فإنه يخرج زكاته في الموضع الذي يحول عليه الحول.
وأما زكاة الفطرة فإنه إن كان هو وماله في بلد واحد أخرج زكاة الفطرة فيه، وإن كان هو في بلد وماله في بلد آخر أخرج الفطرة في البلد الذي فيه صاحب المال لأنها تتعلق بالبدن لا بالمال، وقد قيل: إنه يخرج في البلد الذي فيه المال، والأول أصح.
ولا فرق بين أن ينقلها إلى موضع قريب أو موضع بعيد فإنه لا يجوز نقلها عن البلد مع وجود المستحق إلا بشرط الضمان، ومع عدم المستحق يجوز بالإطلاق، غير أنه متى وصل إلى مستحقه في البلد الذي حمل إليه فإنه يسقط به الفرض عنه.
وإذا أراد أن يفرق الزكاة بنفسه فرقها في الأصناف السبعة إن كانوا موجودين، وإن لم يكونوا موجودين وضعها في من يوجد منهم، والأفضل أن يجعل لكل جنس منهم سهما من الزكاة، فإن لم يفعل ووضعها في جنس أو جنسين كان جائزا، وإن فرق في الجنس على جماعة كان أفضل، وإن أعطاها لواحد فقد برئت ذمته، وأما العامل فليس له شئ هاهنا.
وإذا دفعها إلى الساعي فقد سقط عنه الفرض، فإذا حصلت في يده الساعي وكان مأذونا له في التفرقة فإنه يأخذ سهمه منها ثم يصرف الباقي على حسب ما يراه، وإن لم يكن قد أذن له في التفرقة دفعها إلى الإمام.