ومتى أصاب الثمرة آفة سماوية أو ظلم ظالم وغير ذلك من غير تفريط منهم سقط عنهم مال الضمان لأنهم أمناء في المعنى، فإن اتهموا في ذلك كان القول قولهم مع يمينهم، ومتى خرص عليهم الثمرة، ثم ظهر في الثمرة أمارة اقتضت المصلحة تخفيف الحمل عنها خفف وسقط عنهم بحساب ذلك.
وإذا أراد قسمة الثمرة على رؤوس النخل كان ذلك جائزا لأن الأولى في القسمة أن يكون أفراد الحق دون أن يكون بيعا فلأجل ذلك تصح القسمة، ولو كان بيعا لم يصح لأن بيع الرطب بالرطب لا يجوز، وإذا كان أفرادا جاز من الساعي بيع نصيب المساكين من رب المال ومن غيره وتفريق ثمنها فيهم، وإن رأى قسمتها خرصا على رؤوس النخل فيفرد للمساكين تقسيمهم من نخلات بعينها فعل، وإن رأى أن يبيعها أو يجذها فعل، وإن رأى قسمتها بعد الجذاذ كان أيضا جائزا، لأنه إفراد لحق.
ولا ينبغي لرب المال أن يقطع الثمرة إلا بإذن الساعي إذا لم يكن ضمن حقهم فإن كان ضمنه جاز له ذلك، وإنما قلنا ذلك لأنه يتصرف في مال غيره بغير إذنه وذلك لا يجوز، ومتى أتلف من الثمرة شيئا لزمه بحصة المساكين، وهو مخير بين أن يأخذ حقه من الثمرة وبين أن يأخذ ثمنه منه بقيمته.
ومتى أراد رب الثمرة قطعها قبل بدو صلاحها مثل الطلع لمصلحة جاز له ذلك من غير كراهية، ويكره له ذلك فرارا من الزكاة، وعلى الوجهين معا لا يلزمه الزكاة، وأما قطع طلع الفحل فلا يكره على حاله.
الرطب على ضربين: ضرب يجئ منه تمر، والثاني لا يجئ منه.
فالأول كلما كثر لحمه وقل ماؤه كالبرني والمعقلي وغير ذلك، والكلام فيه في ثلاثة فصول: في جواز التصرف، وفي قدر الضمان، والنوع الذي يضمنه.
فأما التصرف فلا يجوز فيه قبل قبول الضمان بالخرص لأن فيه حق المساكين، ومتى خرص عليه واختار رب المال ضمانها وضمن جاز له التصرف على الإطلاق، ومتى أتلف الثمرة ببيع أو أكل وغير ذلك، فإن كان ذلك بعد