الثالثة: لو ادعى شيئا، فقال المدعى عليه (216): هو لفلان، اندفعت عنه المخاصمة، حاضرا كان المقر له أو غائبا. فإن قال المدعي: إحلفوه إنه لا يعلم إنها لي، توجهت اليمين، لأن فائدتها الغرم لو امتنع لا القضاء بالعين لو نكل أو رد. وقال الشيخ: لا يحلف ولا يغرم لو نكل. والأقرب أنه يغرم، لأنه حال بين المالك وبين ماله، بإقراره لغيره. ولو أنكر المقر له (217)، حفظها الحاكم، لأنها خرجت عن ملك المقر، ولم تدخل في ملك المقر له. ولو أقام المدعي بينة، قضي له. أما لو أقر المدعى عليه بها لمجهول، لم تندفع الخصومة وألزم البيان.
الرابعة: إذا ادعى أنه أجرة الدابة، وادعى آخر أنه أودعه إياها (218)، تحقق التعارض مع قيام البينتين بالدعويين، وعمل بالقرعة مع تساوي البينتين في عدم الترجيح.
الخامسة: لو ادعى دارا في يد إنسان (219)، وأقام بينة أنها كانت في يده أمس، أو منذ شهر، قيل، لا يسمع هذه البينة: وكذا لو شهدت له بالملك أمس، لأن ظاهر اليد الآن الملك، فلا يدفع بالمحتمل وفيه إشكال، ولعل الأقرب القبول. وأما لو شهدت بينة المدعي، أن صاحب اليد غصبها أو استأجرها منه حكم بها (220)، لأنها شهدت بالملك، وسبب يد الثاني.
ولو قال غصبني إياها (221)، وقال آخر: بل أقر لي بها، وأقاما البينة، قضي للمغصوب منه، ولم يضمن المقر لأن الحيلولة لم تحصل بإقراره بل بالبينة.
المقصد الثاني: في الاختلافات في العقود إذا اتفقا (222) على استئجار دار معينة شهرا معينا، واختلفا في الأجرة وأقام كل منهما بينة بما قدره، فإن تقدم تاريخ أحدهما عمل به، لأن الثاني يكون باطلا. وإن كان التاريخ واحدا، تحقق التعارض، إذ لا يمكن في الوقت الواحد