ثم ان من الغريب تأييد مرامه بما ذكر من ان عدم سؤال الراوي عن حال تخالفها دليل على فهمه الاستقلال مع إمكان ان يقال: ان الأمر بعكس ما أفاده فإنه لو فهم استقلال الصفات المذكورة في الترجيح كان عليه السؤال عن مورد افتراقها لاحتمال كون إحدى الصفات مع استقلال الجميع أرجح في نظر الشارع بخلاف ما إذا فهم كون المجموع مرجحا واحدا فإنه معه لا وقع للسؤال عن مورد افتراقها لمعلومية عدم الترجيح بها متفرقة بعد كون المرجح مجموعها.
ومنها تعليله الأخذ بالمشهور بقوله فان المجمع عليه لا ريب فيه، توضيحه:
ان معنى اشتهار الرواية كونها معروفة عند الكل كما يدل عليه فرض كونهما مشهورين والمراد بالشاذ هو ما لا يعرفه الا القليل، والمشهور بهذا المعنى ليس قطعيا من جميع الجهات حتى يصير مما لا ريب فيه حقيقة والا لم يمكن فرضهما مشهورين لامتناع تحققها فيهما، ولا الرجوع إلى صفات الراوي قبل ملاحظة الشهرة، ضرورة ان الإرجاع بالأمارة الظنية لا يجوز الا مع فقدان أمارة قطعية، ولا الحكم بالرجوع مع شهرتهما إلى المرجحات الاخر فالمراد بنفي الريب نفيه بالإضافة إلى الشاذ ومعناه ان الريب المحتمل في الشاذ غير محتمل فيه فيكون حاصل التعليل ان كلما كان أقل احتمالا يجب ترجيحه على غيره ومقتضى التعليل التعدي إلى كل ما كان كذلك (انتهى بتوضيح منا).
وفيه ما عرفت ان المراد بالمجمع عليه الذي لا ريب فيه هو الشهرة الفتوائية وعدم الريب هو الحقيقي منه، ضرورة استهجان سلب الريب عن المجمع عليه مع ذكر الكبرى الكلية بقوله: «انما الأمور ثلاثة امر بين رشده وامر بين غيه» وإرادة الإضافي منه.
واما ما أفاده من القرائن على ذلك فمنظور فيه اما قضية عدم جواز الرجوع إلى صفات الراوي من الأفقهية والأصدقية قبل ملاحظة الشهرة فلان المقبولة بصدد بيان ترجيح حكم أحد الحكمين والظاهر منها ان حكم غير الأفقه وغير الأعدل غير نافذ مع وجود الأفقه الأعدل فحينئذ يكون الترجيح بصفات القاضي مقدما على الترجيح بالشهرة لأن الترجيح بالصفات لتشخيص صلاحيته للحكم وبعد إحرازها ينظر إلى حكمهما فإذا كان أحد الحكمين مخالفا للمجمع عليه لكون مستنده كذلك يرد، و