واما قوله في رواية: «شيعتنا المسلمون لأمرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن لم يكن كذلك فليس منا» (1) وقوله في رواية أخرى: ما أنتم والله على شيء مما هم فيه ولا هم على شيء مما أنتم فيه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء (2) فالظاهر منهما المخالفة في عقائدهم وفي امر الإمامة وما يرتبط بها ولا تدلان على رد الخبر الموافق لهم.
واما قوله في صحيحة إسماعيل بن بزيع: «إذا رأيت الناس يقبلون على شيء فاجتنبه» يدل على ان إقبالهم على شيء وإصرارهم به يدل على بطلانه ولا ربط له بما نحن فيه، ولو فرض إطلاقه فلا بد من رفع اليد عنها لعدم الفتوى على طبقها، وعلى أي حال لا إشكال في ان مخالفة العامة من مرجحات باب التعارض.
فتحصل من جميع ما ذكرنا من أول البحث إلى هاهنا ان المرجح المنصوص ينحصر في امرين: موافقة الكتاب والسنة، ومخالفة العامة، ولعل نظر الشيخ الأقدم محمد بن يعقوب الكليني إلى ما ذكرنا حيث لم يذكر عند ذكر المرجحات الأعدلية وما يتلوها (نعم) ذكر الأخذ بالمجمع عليه الذي لا ريب فيه وقد عرفت الكلام فيه.
ثم ان الظاهر من مصححة عبد الرحمن هو وجوب العرض على كتاب الله أولا ومع عدم وجدان الحكم فيه وجوب العرض على اخبار العامة فمقتضاها الترتيب بينهما فيجب تقييد إطلاق ساير الروايات فصارت النتيجة بعد الجمع المقبول العرفي بين الروايات الترجيح أولا بموافقة الكتاب والسنة ومع عدم وجدان الحكم فيهما يرجح بمخالفة العامة ومع فقدان ذلك فالتخيير (نعم) ورد في المقبولة ترك ما تكون حكامهم وقضاتهم أميل به والأخذ بالاخر ولكن يشكل رفع اليد عن إطلاق دليل التخيير بها