وما قيل (1) من ان المرجحات الصدورية مقدمة على المرجحات الجهتية وهي على المرجحات المضمونية لتقدم التعبد على أصل الصدور على التعبد على جهته وهو على التعبد على المضمون.
ففيه ما لا يخفى اما أولا فلان تقدم التعبد بالصدور على جهته وهو على مضمونه مما لا أصل له ولا دليل عليه لأن بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة بعد تمامية أصل الصدور وجهته وظهوره وساير الأصول العقلائية ومع عدم جريان واحد منها لا يعملون به ولا معنى للتعبد بالصدور الا العمل به، وما لا عمل له بوجه لا يكون موردا للأصول العقلائية ولا للأدلة الشرعية على فرضها، فما يقال: ان التعبد بالصدور مقدم على التعبد بجهته، ان كان مراده هو التعبد العملي شرعا أو البناء العملي لدى العقلاء، فلا معنى له وهو واضح، وان كان غير ذلك فلا محصل له.
واما ثانيا فلأنه لو سلم فإنما هو في غير باب التعارض، ضرورة ان كلية الأصول اللفظية والعقلية تسقط بالمعارضة وتكون الروايتان ساقطتين رأسا فلا بد في العمل بواحد منهما أو تخييرا من التماس دليل وليس الا اخبار العلاج وهي تدل على تقدم الترجيح بموافقة الكتاب.
واما ثالثا لو سلم كل ذلك فلا يقاوم بناء العقلاء للمصححة المصرحة بتقدم الترجيح بموافقة الكتاب على الترجيح بمخالفة العامة، لأن الأدلة الشرعية على فرضها والأصول العقلائية كلها قابلة للتخصيص والردع فلا تغفل.
هذا كله في المرجح المنصوص واما غيره فبناء على ان الترجيح بمطلقه انما هو لأجل دوران الأمر بين التعيين والتخيير فلا ترجيح لمرجح على مرجح الا ما هو أتم ملاكا وأقرب إلى الواقع.
هذا تمام الكلام في مهمات باب التعادل والترجيح والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا أو باطنا وقد وقع الفراغ من تأليفه ليلة الجمعة تاسع شهر جمادى الأولى سنة 1370 في بلدة قم حرم أهل البيت عليهم السلام ومن إخراجه إلى المبيضة يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة الف وثلاثمائة وسبعين هجرية قمرية على هاجرها الصلاة والسلام في «محلات».