ولا يخفى وضوح دلالة هذه الاخبار على ان مخالفة العامة مرجحة في الخبرين المتعارضين مع اعتبار سند بعضها بل صحة بعضها على الظاهر واشتهار مضمونها بين الأصحاب، بل هذا المرجح هو المتداول العام الشائع في جميع أبواب الفقه والسنة الفقهاء.
ومن الطائفة الثانية ما عن العيون بإسناده عن علي بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته وليس في البلد الذي انا فيه أحد أستفتيه من مواليك قال: فقال: ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فان الحق فيه» (1) موردها صورة الاضطرار وعدم طريق إلى الواقع فأرشده إلى طريق يرجع إليه لدى سد الطرق ولا يستفاد منها جواز رد الخبر من طريقنا إذا كان موافقا لهم.
ومنها ما بإسناده عن أبي إسحاق الأرجاني رفعه قال: قال أبو عبد الله: أتدري لم أمرتم بالاخذ بخلاف ما تقول العامة؟ فقلت: لا أدري، فقال: ان عليا لم يكن يدين الله بدين الا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادة لإبطال امره وكانوا يسألون أمير المؤمنين عن الشيء لا يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلتبسوا على الناس» (2) تكون في مقام بيان علة الأمر بالاخذ بخلافهم ولا تدل على وجوبه مطلقا فيمكن ان يكون المراد من الأمر هو الأوامر الواردة في الخبرين المتعارضين ولا تدل على ورود امر بالاخذ بخلافهم ابتداء وفي غير صورة التعارض.
ومنها ما عن الشيخ بإسناده عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله قال: ما سمعته منى يشبه قول الناس فيه التقية، وما سمعت منى لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه» (3) لا يبعد ان يكون مراده من شباهة قول الناس هي الشباهة في آرائهم وأهوائهم كالقول بالجبر والقياس والفتاوى الباطلة المعروفة منهم كالقول بالعول والتعصيب فلا تدل على ترك ما خالف العامة مطلقا.