الغير المحتاج إليها في الفقه لهذا التوهم في طرف التفريط والعذر بان الاشتغال بتلك المباحث يوجب تشييد الذهن والأنس بدقائق الفن غير وجيه.
فالعاقل الضنين بنقد عمره لا بد من ترك صرفه فيما لا يعنى وبذل جهده فيما هو محتاج إليه في معاشه ومعاده وهو نفس مسائل علم الفقه الذي هو قانون المعاش والمعاد وطريق الوصول إلى قرب الرب بعد العلم بالمعارف، فطالب العلم والسعادة لا بد وان يشتغل بعلم الأصول بمقدار محتاج إليه وهو ما يتوقف عليه الاستنباط ويترك فضول مباحثه أو يقلله، وصرف الهم والوقت في مباحث الفقه خصوصا فيما يحتاج إليه في عمله ليلا ونهارا.
ومنها علم الرجال بمقدار يحتاج إليه في تشخيص الروايات ولو بالمراجعة إلى الكتب المعدة له حال الاستنباط، وما قيل من عدم الاحتياج إليه لقطعية صدور ما في الكتب الأربعة أو شهادة مصنفيها بصحة جميعها أو غير ذلك كما ترى.
ومنها وهو الأهم إلا لزم معرفة الكتاب والسنة مما يحتاج إليه في الاستنباط ولو بالرجوع إليهما حال الاستنباط والفحص عن معانيهما لغة وعرفا وعن معارضاتهما والقرائن الصارفة بقدر الإمكان والوسع وعدم القصور فيه، والرجوع إلى شأن نزول الآيات وكيفية استدلال الأئمة عليهم السلام بها.
والمهم للطالب المستنبط الأنس بالأخبار الصادرة عن أهل البيت فإنها رحى العلم وعليها يدور الاجتهاد والأنس بلسانهم وكيفية محاوراتهم ومخاطباتهم من أهم الأمور للمحصل.
فعن معاني الاخبار بسنده عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
«أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ان الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب» (1) وعن العيون بإسناده عن الرضا عليه السلام قال: «من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدى إلى صراط مستقيم، ثم قال عليه السلام ان في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ومتشابها كمتشابه القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا