ومنها قوله: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» دل على انه إذا دار الأمر بين الأمرين في أحدهما ريب ليس في الاخر ذلك الريب يجب الأخذ به وليس المراد نفي مطلق الريب كما لا يخفى (انتهى) توضيحه: ان ما لا يريبك المذكور في مقابل ما يريبك لا يجوز أن يكون الحقيقي منه، ضرورة انه إذا دار الأمر بين المتناقضين ويكون أحدهما لا ريب فيه حقيقة يكون الطرف المقابل مما لا ريب فيه أيضا الا انه إذا كان أحدهما مما لا ريب في حقيقته يكون مقابله مما لا ريب في بطلانه، لا انه مما فيه ريب، فإذا جعل مقابله مما فيه ريب يكون لا ريب فيه هو الإضافي منه فيكون محصل الرواية انه إذا ورد أمران أحدهما فيه ريب والاخر ليس فيه هذا الريب يجب الأخذ بالثاني.
وفيه مع كون الرواية مرسلة ضعيفة لا يمكن إثبات حكم بها لكونها مروية عن الذكرى بقوله قال النبي دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وعن كنز الكراجكي بقوله «قال صلى الله عليه وآله دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإنك لن تجد فقد شيء تركته لله عز وجل ان فيها احتمالا أقرب مما ذكر وهو ان ما يريبك هو الشبهة البدوية التحريمية وما لا يريبك هو ثواب الله تعالى فإنه المناسب للتعليل بقوله فإنك لن تجد فقد شيء (إلخ) فكأنه قال:
دع ما فيه ريب لأجل ثواب الله الذي لا ريب فيه فإنك لن تجد فقد ما تركته لله لأنك ترى ثوابه في دار الثواب، واما حمله على ما ذكره فلا يناسب التعليل مع ان فيما ذكرنا يكون قوله «لا ريب فيه» بمعناه الحقيقي الظاهر فيه ولو منع من ظهورها فيما ذكرنا يكون احتمالا مساويا لما ذكر فلا يصح الاستدلال بها.
فتحصل من جميع ما ذكرنا انحصار المرجح المنصوص بخصوص موافقة الكتاب ومخالفة العامة ولا يستفاد من الأدلة التعميم.
لكن هاهنا كلام وهو ان دليل التخيير الذي عرفت انحصاره تقريبا برواية ابن الجهم انما يمكن التمسك بإطلاقه لو تم اعتباره سندا وانا وان احتملنا بل رجحنا جبر سندها لكنه محل إشكال لأن مبنى الأصحاب بوجوب الأخذ بأحد الخبرين تخيير الا يمكن ان يكون تلك الرواية اما أولا فلان مفادها كما أشرنا إليه سابقا ليس الا التوسعة وجواز الأخذ بأحد الخبرين مع ان فتوى الأصحاب وجوب الأخذ بأحدهما تخييرا