الدينية، والاخر إنذار القوم وموعظتهم، فيكون المراد يجب على الفقيه إنذار القوم وإيجاد الخوف من بأس الله في قلوبهم فإذا خافوا يحكم عقلهم بوجوب تحصيل المؤمن فلا محيص لهم الا العلم باحكام الله مقدمة للعمل بها.
واما وجوب العمل بقول المنذر بمجرده فلا تدل الآية عليه و (دعوى) ان الإنذار لا بد وان يكون من جنس ما يتفقه فيه والا فأية مناسبة للفقيه معه (ممنوعة) لأن الإنذار مناسب للفقيه لأنه يعلم حدوده وكيفيته وشرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع ان لكلامه تأثيرا في القوم ما لا يكون لكلام غيره لعلو مقامه وعظم شأنه لديهم، واما التفقه في الدين فهو أعم من الأصول والفروع فلا وجه لاختصاصه بالثاني والاخبار الواردة في تفسيرها تدل على تعميمه (فحينئذ) لا يمكن ان يقال بوجوب قبول قوله تعبدا لعدم جريانه في الأصول، اللهم الا ان يقال: ان إطلاقها على فرضه يقتضى قبول قول الغير في الأصول والفروع ويقيد إطلاقها عقلا في الأصول وبقي الفروع.
واما كون المنذر بالكسر كل واحد من الطائفة فلا إشكال في ظهور الآية فيه لكن الظاهر منها ان كل واحد من المنذرين يجب عليه إنذار القوم جميعا ومعه لا تدل الآية على وجوب القبول من كل واحد منهم فإنه بإنذار كل واحد منهم قومهم ربما يحصل لهم العلم، واما كون التحذر بمعنى التحذر العملي أي قبول قول الغير والعمل به فهو خلاف ظاهرها بل التحذر اما بمعنى الخوف واما بمعنى الاحتراز وهو الترك عن خوف والظاهر انه بمعنى الخوف الحاصل عن إنذار المنذرين وهو امر غير اختياري لا يمكن ان يتعلق بعنوانه الأمر (نعم) يمكن تحصيله بمقدمات اختيارية كالحب والبغض وأمثالهما.
هذا كله مع انه لا إطلاق للآية، ضرورة انها بصدد بيان كيفية النفر وانه إذا لا يمكن للناس نفر عمومي فلم لا تنفر طائفة منهم فانه ميسور لهم (وبالجملة) لا يجوز للناس سد باب التفقه والتعلم بعذر الاشتغال بأمور الدنيا فان امر الدين كسائر أمورهم يمكن قيام طائفة به فلا بد من التفقه والإنذار، واما وجوب قبول السامع بمجرد السماع فلا إطلاق للآية يدل عليه فضلا عن إطلاقها لحال التعارض.
والإنصاف ان الآية أجنبية عن حجية قول المفتي كما انها أجنبية عن حجية قول