يكشف عدمه عن إمضاء الشارع.
والحاصل ان جواز الاتكال على الأمارات العقلائية موقوف على إمضاء الشارع لفظا أو كشفه عن عدم الردع وليس ما يدل لفظا عليه، والكشف عن عدم الردع موقوف على جرى العقلاء عملا على طبق ارتكازهم ومع عدمه لا معنى لردع الشارع ولا يكون سكوته كاشفا عن رضاه.
(فحينئذ) نقول لا إشكال في بناء العقلاء على العمل على رأي الحي ويمكن دعوى بنائهم على العمل بما أخذوا من الحي في زمان حياته ثم مات ضرورة ان الجاهل بعد تعلم ما يحتاج إليه من الحي يرى نفسه عالما فلا داعي له من الرجوع إلى الاخر بل يمكن إثبات ذلك من الروايات كرواية علي بن المسيب المتقدمة فان إرجاعه إلى زكريا بن آدم من غير ذكر حال حياته وان ما يأخذه منه في حال الحياة لا يجوز العمل به بعد موته مع ان في ارتكازه كل عاقل عدم الفرق بينهما دلالة على جواز العمل بما تعلم منه مطلقا فان كون شقته بعيدة بحيث انه بعد رجوعه إلى شقته كان يصير منقطعا عن الإمام عليه السلام في مثل تلك الأزمنة كان يوجب عليه بيان الاشتراط لو كان الحياة شرطا، واحتمال ان رجوع علي بن المسيب إليه كان في نقل الرواية يدفعه ظهور الرواية ومثلها مكاتبة أحمد بن حاتم وأخيه (وبالجملة) إرجاع الأئمة عليهم السلام في الروايات الكثيرة شيعتهم إلى العلماء عموما وخصوصا مع خلوها عن اشتراط الحياة كاشف عن ارتضائهم بذلك.
نعم لا يكشف عن الأخذ الابتدائي من فتوى الميت فان الدواعي منصرفة عن الرجوع إلى الميت مع وجود الحي، ولم يكن في تلك الأزمنة تدوين الكتب الفتوائية متعارفا حتى يقال انهم كانوا يراجعون الكتب، فان الكتب الموجودة في تلك الأزمنة كانت منحصرة بكتب الأحاديث ثم بعد أزمنة متطاولة صار بنائهم على تدوين كتب نحو متون الاخبار ككتب الصدوقين ومن في طبقتهما أو قريب العصر بهما، ثم بعد مرور الأزمنة جرت عادتهم على تدوين الكتب التفريعية والاستدلالية فلم يكن الأخذ من الأموات ابتداء ممكنا في الصدر الأول ولا متعارفا أصلا.