المتقدمة - بما أشار إليه بعض الأساطين في محكي شرحه بأن الدوام والتأبيد مأخوذ في حقيقة الوقف، والبيع وأضرابه من المعاوضات ينافي ذلك، فدليل صحة الوقف مانع من نفوذ البيع لأن دليل أحد المتنافيين دليل على عدم الآخر ولذلك تصح دعوى أن صحة البيع تلازم بطلان الوقف كما تصح دعوى أن صحة الوقف تلازم بطلان البيع، ومن ذلك يظهر وجه ما في الجواهر من أن الوقف ما دام وقفا لا يجوز بيعه، بل لعل جواز بيعه مع كونه وقفا من التضاد. نعم إذا بطل الوقف اتجه جواز بيعه. انتهى، بناء على أن مراده من الجواز الجواز الفعلي بمعنى الصحة وثبوت المضمون. نعم يشكل لو كان المراد الجواز التعليقي يعني جواز البيع على تقدير وقوعه فإن مثل هذا الجواز التعليقي الثابت بمجرد طروء بغض المسوغات لا ينافي الوقف كي يلزم من ثبوته بطلان الوقف فإن بعض الموارد التي حكم فيها بجواز البيع بالمعنى المذكور لم يلتزم أحد فيها ببطلان الوقف. نعم مثل هذا الجواز إنما ينافي لزوم الوقف فيكون حينئذ جائز الابطال بالبيع لا أنه مناف لصحته بحيث يبطل بمجرد طروء ما يوجب الجواز المذكور، إذ لا مقتضي لذلك لكن لا يبعد أن يكون مراد الجواهر الأول أعني الجواز الفعلي فلا يتوجه عليه الاشكال واستظهار الثاني من كلامه بقرينة جعل المنع من البيع من مقومات مفهوم الوقف غير ظاهر إذ كون المنع من البيع بمعنى بطلانه من مقتضيات الوقف مما لا غبار عليه بل لا ينبغي الريب فيه لمنافاة البيع للتأبيد جزما واعترف به شيخنا الأعظم (ره) في كلامه في حكم الصورة الثانية وغيره لكنه لا يقتضي المنافاة بين صحة الوقف وجواز البيع على نحو التعليق وإنما يقتضي المنافاة بين صحة الوقف وجواز البيع على نحو التنجيز. نعم لو كان الطارئ المسوغ للبيع بنفسه مبطلا للوقف كالخراب والسقوط عن الانتفاع بطل الوقف بطروه ولو لم يتحقق البيع، ويحتمل أن يكون مراد الجواهر خصوص هذا المورد. هذا بناء على دخول التأبيد في مفهوم الوقف أما بناء على أنه مجرد التمليك الترتيبي للطبقات كما يظهر من كلمات شيخنا الأعظم (ره) في حكم الصورة الأولى فجواز البيع لا يبطل
(٣٤٠)