الوقف ولو آنا ما قبل البيع، بل البيع يقع على نفس العين الموقوفة فتخرج به عن كونها وقفا على اشكال يأتي هناك؟ فلاحظ. ثم إن الأصحاب (قدس الله سرهم) بعد بنائهم على أصالة المنع عن البيع في الوقف اختلفوا في الخروج عن هذا الأصل وعدمه، كما أنهم اختلفوا في موارد الخروج وكلماتهم لا تخلو من تشويش واشكال - كما اعترف به غير واحد - ويظهر ذلك بمراجعتها في الكتب المعدة لنقلها كمفتاح الكرامة والمقابيس ومكاسب شيخنا الأعظم (ره) ولا يهمنا الآن نقلها وتحقيق ما يظهر منها، وإنما المهم معرفة ما هو المستفاد من الأدلة (فنقول):
قد ذكر شيخنا الأعظم (ره) أن الوقف منه مؤبد ومنه منقطع وأن الخلاف في جواز البيع وعدمه في المؤبد إنما هو فيما يكون ملكا للموقوف عليهم الذي تكون منفعته لهم ويجوز ايجاره ويجب ضمانه لهم أما ما لا يكون كذلك كالمساجد والمدارس الذي هو فك ملك كالتحرير ولا يجوز ايجاره، ولا تضمن منافعه بالاستيفاء بلاحق، فالظاهر أنه لا خلاف في عدم جواز بيعه لعدم الملك. انتهى، " والذي " ينبغي أن يقال: إن الوقف بجميع أقسامه نوع من الصدقة غاية الأمر أن التصدق (تارة) بجعل العين صدقة مطلقه كما لو قال: داري أو بستاني صدقة مطلقة، فإن العين تكون حينئذ صدقة كسائر الصدقات فتجري عليها أحكامها والتصرف فيها يكون راجعا إلى ولي الصدقات فتكون العين نظير الزكاة المعزولة التي هي صدقة مصرفها الأصناف الثمانية (وأخرى) بجعل العين على شأن خاص من دون اعتبار التأبيد والدوام نظير نماء الوقف كما لو قال: بستاني صدقة على العلماء: وحينئذ تكون صدقة خاصة تصرف في مصالح العلماء، ويجوز صرف عينها وبدلها ببيعها (وثالثة) بجعلها صدقة مؤبدة وحينئذ تكون وقفا لا يجوز بيعها ولا تمليكها ولا غيرها مما ينافي تأبيد كونها صدقة كما عرفت فالوقف إذا هو الصدقة المؤبدة فتخرج العين عن ملك المالك ولا تدخل في ملك مالك كما لا يجوز التصرف فيها بالتمليك ونحوه مما ينافي تأبيد التصدق بها.