جاز توجيه الخطاب إلى غير من له العقد وتردد بين أن يكون الانشاء للايجاب أو القبول أصالة عن نفس الموجب أو عن غيره ولاية عليه أو وكالة عنه أو فضولا فالظاهر يقتضي الأول فإذا قال زيد لعمرو: بعتك منا من حنطة بمنين من أرز، بني على اشتغال ذمة زيد بمن الحنطة؟ لعمرو، واشتغال ذمة عمرو بمنين من الأرز لزيد، إلا أن تقوم الحجة على خلاف ذلك (الرابع) إذا علم أن العاقد باع أو اشترى لغيره فتارة يكون وكيلا في مجرد إجراء الصيغة وأخرى يكون وكيلا في نفس المعاملة ففي الأولى لا يجوز الرجوع إليه في تسليم الثمن أو المثمن لعدم المقتضي لذلك بعد ما لم يكن مستحقا عليه ذلك، وأما في الثانية فالظاهر أنه لا إشكال في جواز الرجوع إليه في ذلك إذا كان قد اشترط عليه ذلك في العقد لعموم نفوذ الشرط، أما لو لم يشترط فالظاهر جواز رجوعه عليه مطلقا سواء أكان عالما بذلك حال العقد أم جاهلا، إما لأنه من الشرائط الضمنية أو لأنه من الأحكام العرفية للعاقد كما يشهد به مرتكزات العرف وسيرتهم من الرجوع إلى من يفوض إليه أمر المعاملة كعامل المضاربة ونحوه، ويظهر ذلك بأقل مراجعة لهم في ذلك، ولا فرق بين أن يكون موضوع المعاملة دينا في الذمة أو عينا بيده أو بيد الموكل، وما عن جامع المقاصد والمسالك ومجمع البرهان والمفاتيح من اختصاص المطالبة بمن في يده العين غير ظاهر، وجواز الرجوع إلى من في يده العين لأن عينه في يده لا ينافي جواز الرجوع إلى غيره إذا كان ذلك من أحكام إيقاع العقد كما لا ينافي جواز الرجوع إلى من في ذمته الدين جواز الرجوع إلى غيره فيما لو كان الموضوع دينا، فالتفصيل بين الدين والعين ضعيف، وكذا الحكم لو كان الموضوع دينا وقد دفع الموكل فردا منه إلى الوكيل ليدفعه إلى مستحقه لاطراد الوجه المتقدم في الجميع، ومن ذلك تعرف ضعف ما في الشرائع وعن غيرها من اختصاص المطالبة بالوكيل مع الجهل وبالموكل مع العلم سواء أكان المراد الجهل المستمر أم الجهل حال العقد أو إلى زمان القبض إذا كان مرجع الأول إلى عدم جواز الرجوع إلى الوكيل أصلا والرجوع إليه مع الجهل بالوكالة إنما كان اعتمادا على أصالة كون العقد عن نفسه كما عرفت في الأمر السابق، ووجه الضعف
(١٨٧)