لو وعده بأن ينصبه واليا إذا باع داره وكذا لو توعده بالضرر المستحق كما لو قال الدائن للمديون: إن بعت دارك أبرأت ذمتك من الدين، بل في الحقيقة ذلك من الوعد بالنفع. ثم إن الاكراه قد يكون نفسيا كما لو أمره السلطان ببيع داره، وقد يكون غيريا كما لو أمره ببناء قنطرة إذا كان لا يتمكن من بنائها إلا ببيع داره وصرف ثمنها فإن ذلك اكراه على البناء نفسيا وعلى البيع غيريا لأن الاكراه على ذي المقدمة إكراه على المقدمة إلا أن الظاهر أنه لا اشكال في صحة البيع إذ الأدلة المتقدمة على قدح الاكراه في الصحة غير جارية، أما الاجماع فظاهر، وأما حديث الرفع فاطلاقه اللفظي وإن كان شاملا للمقام إلا أنه لما كان امتنانيا امتنع شموله له إذ يكون تطبيقه خلاف الامتنان لأن ابطال البيع في الفرض تعسير لا تيسير وتضييق لا توسعة، ومثله يقال أيضا فيما لو كان الاكراه بحق فإن اجراءه خلاف الامتنان في حق صاحب الحق فلو أكره على بيع داره لوفاء دينه كان بيعه صحيحا لأن ابطاله ضرر على الدائن فلا يشمله الحديث الشريف " الثالث " قد عرفت أنه يعتبر في مفهوم الاكراه كراهة الفعل المكره عليه لولا الاكراه وأن الرضى به بل فعله إنما كان فرارا عن الضرر المتوعد به فيكون من باب ارتكاب أخف المحذورين وأقل القبيحين وعلى هذا يمتنع صدق الاكراه مع امكان التفصي بما لا ضرر فيه على المكره، إذ حينئذ لا يكون تزاحم بين الضررين كي يكون من باب ارتكاب أخف المحذورين لامكان الفرار عن المحذورين معا بارتكاب الأمر المتفصى به، فلو فعل المكره عليه حينئذ كان فعلا لغير المكروه فلا يكون اكراها قادحا في صحة العقد، والظاهر عدم الفرق فيما به التخلص بين التورية وغيرها وقد يستظهر من رواية عبد الله بن سنان قال لي أبو عبد الله " ع ": لا يمين في غضب ولا في قطيعة رحم ولا في جبر ولا في اكراه، قال: قلت أصلحك الله فما الفرق بين الجبر والاكراه؟ فقال " ع ":
الجبر من السلطان ويكون الاكراه من الزوجة والأم والأب وليس ذلك بشئ، لكن وجهه غير ظاهر بل الظاهر منها الفرق بين مراتب الضرر الذي يخاف عند