إنه لا ينبغي التأمل في عدم الاكتفاء بقصد العنوان المردد بين عنوانين كما لو قال:
بعتك الدار، أو: آجرتكها، فيقصد الموجب ايقاع الأمر المردد بين البيع والإجارة، وكذا لو كان المردد موضوع العنوان كما لو قال: بعتك الدار، أو:
الفرس، لأن المردد لما لم يكن له مطابق لم يصح اعتباره، كما لا يصح أن يكون موضوعا للأحكام ولو كانت اعتبارية فلا يصح اعتبار المردد بين البيع والإجارة كما لا يصح اعتبار البيع للمردد بين الفرس والدار فلا بد في صحة العقد من قصد العنوان بموضوعه على نحو التعيين، وأما تعيين من له العقد فيختلف باختلاف عناوين العقود فإن كان العنوان مما يتقوم بمن له العقد فلا بد من تعيينه لما عرفت فلا يصح: ملكت فرسي، ولا: زوجت ابنتي، مع عدم تعيين من له التمليك والتزويج، إذ لا اعتبار للتزويج والتمليك مع عدم إضافتهما إلى معين وإن كان العنوان لا يتقوم بمن له العقد فلا موجب لقصده كما في عقود المعاوضات فإن المعاوضة إنما تقوم بالعوضين لا غير فيصح أن يقول القائل: بدلت الفرس بالحمار، و: عوضت الفرس بالدينار، ومنه: بعت الفرس بالدينار، بناء على ما عرفت من أن البيع المبادلة بين المالين. نعم إذا لم يكن العوضان خارجيين اعتبر القصد إلى من له العقد لأن الذميات لا تصح أن تكون موضوعا للمعاوضة إذا لم تكن مضافة إلى ذمة معينة سواء لم تكن مضافة إلى ذمة أصلا كما لو قال: بعت فرسا بدينار، أم كانت مضافة إلى غير معين كما لو قال: بعت فرسا في ذمة زيد أو عمرو بدينار في ذمة أحدهما، مع عدم قصد واحد بعينه فلا بد من تعيين من له العقد ليصح جعل المعوض عوضا، بل في القسم الأول وإن لم يكن من له العقد مقصودا تفصيلا لكنه مقصود إجمالا لا تبعا لقصد المعاوضة إذ مرجع المعاوضة بين الشيئين قيام كل منهما في مقام الآخر بلحاظ إضافته إلى من له العقد فمرجع: بعت الفرس بالدينار، إلى جعل الفرس عوضا عن الدينار من حيثية إضافته إلى مالكه وجعل الدينار عوض الفرس من حيث إضافتها إلى مالكها، ومن هنا صح أن يقال: إن من له العقد لا بد من قصده إما اجمالا أو تفصيلا إما لرجوع قصد البدلية إليه أو لتوقف