واعتبار طيب النفس به فضلا عن الرضى به فهذا الشرط ليس راجعا إلى اعتبار طيب النفس لكفاية الشرط السابق في اعتباره، بل راجع إلى اعتبار عدم الاكراه لا غير فعقد المكره لا يصح من جهة صدوره عن اكراه لا لفقد الرضى وطيب النفس، لما عرفت من امتناع تحقق القصد إلى وقوع مضمونه مع عدم تحقق الرضى وطيب النفس به " ودعوى " إن الرضى وطيب النفس الحاصلين في عقد المكره إنما كانا بملاحظة ما يترتب على تركه من الضرر المتوعد به أما بالنظر إلى ذاته فلا رضى به ولا طيب نفس، والمقصود من هذا الشرط اعتبار الرضى وطيب النفس بالنظر إلى ذاته " مدفوعة " بأن أكثر المعاملات الصحيحة إنما يكون الرضى وطيب النفس بها بملاحظة ما يترتب على فعلها من دفع مفسدة أهم أو جلب منفعة كذلك فلا يعتبر في صحة المعاملات الرضى وطيب النفس الذاتيين ضرورة، فيتعين أن يكون المعتبر فيهما ما هو أعم مما كان بالعنوان الأولي والثانوي كما في عقد المكره، ومن ذلك يتضح ما ذكرناه من أن بطلان عقد المكره من جهة محض صدوره عن اكراه لا لفقد الرضى أو طيب النفس به، ومن ذلك أيضا يظهر أنه لا يصح الاستدلال على اعتبار هذا الشرط بقوله " ع ": لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه. نعم يصح الاستدلال عليه بقوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض، لظهور التجارة في الاختيار فاعتبار التراضي فيها لا بد أن يكون في مقابل الاكراه لا بالمعنى المساوق للاختيار، وهذا هو العمدة فيه - مضافا إلى الاجماع المحقق وحديث رفع الاكراه بناء على ظهوره في رفع السببية ولو بقرينة استدلال الإمام " ع " به في صحيح البزنطي عن أبي الحسن " ع ": في الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك أيلزمه ذلك؟ فقال " ع ":
لا قال رسول الله " ص ": وضع عن أمتي ما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا وما أخطأوا، أو نصوص بطلان طلاق المكره بناء على عدم الفصل بينه وبين المقام لكن عدم الفصل يثبت بنحو يكون في مقابل الاجماع المتقدم ليكون دليلا مستقلا.