وفيه أن وجوب الفتوى ليس من أحكام صدور الخبر بل من أحكام العلم بالصدور فمع التردد في الصادر بين الخبرين تحرم الفتوى بكل منهما لانتفاء العلم والبناء على التخيير عند تعارض الخبرين مع فقد المرجح ليس لما ذكر بل إما للأدلة الخاصة الدالة على التخيير بناء على أصالة التساقط في المتعارضين - كما هو التحقيق - أو لكونه مقتضى قاعدة التزاحم - كما ذهب إليه بعضهم - وكيف كان فليس منه المقام إذ لا دليل على التخيير فيه بالخصوص ولعدم التزاحم لما عرفت من امكان الجمع وكأنه لما ذكرناه أشار (قده) بأمره بالتأمل (قوله: ولكن يمكن أن يقال إن) هذا استدلال على ما ذكره أولا من ضمان المثلي بالمثل والقيمي بالقيمة مع قطع النظر عن الاجماع، وحاصله أن المستفاد من بناء العرف الممضى بمقتضى الاطلاقات المقامية لأدلة الضمان المتفرقة إن الضمان؟ في الجميع يكون بالمثل ثم بالقيمة ومعرفة المثل موكولة إلى العرف ولا تتوقف على انعقاد الاجماع على كون الشئ مثليا أو قيميا. نعم لو شك العرف فالمرجع الأصل المتقدم (قوله: إلا ما شذ وندر) كصحيح أبي ولاد وخبر إسحاق المتقدم في بيع الجارية المسروقة ونحوهما (قوله: فلولا الاعتماد على) تقريب للاطلاق المقامي الدال على امضاء البناء العرفي (قوله: وقد استدل الشيخ في المبسوط) قال في المبسوط في كتاب الغصب بعد ما قسم الأموال على ضربين حيوان وغير حيوان وغير الحيوان على ضربين ماله مثل ومالا مثل له وعرف الأول بما تساوت أجزاؤه: فإذا غصب غاصب من هذا شيئا فإن كان قائما رده وإن كان تالفا فعليه مثله لقوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ولأن مثله يعرف مشاهدة وقيمته تعرف بالاجتهاد وما يعلم يقدم على ما يجتهد فيه، ولأنه إذا أخذ المثل أخذ وفق حقه وأما إذا أخذ القيمة ربما زاد أو نقص فكان المثل أولى. انتهى، وهذه الأدلة كلها كما ترى مساقة لضمان المثلي بالمثل لا لضمان القيمي بالقيمة ولعل مأخذ حكاية المصنف (ره) غير ما ذكرنا (قوله: في مقدار الاعتداء) توضيح ذلك أن المماثلة بين الاعتداءين ليس المراد منها المماثلة بينهما ذاتا فإن ذلك من
(١٤٢)