الحقائق المظلمة.
وأما إن علمه بذاته علم بالصور، فأقول: لا احتياج في علمه تعالى بالصور، إلى العناية المذكورة، أي، إن علمه بذاته علم بالصور لأن الصور على فرض وجوده مكشوف للذات.
وأما القول بالصور وأنها أوائل الموجودات وأنها معلومة للذات في مرتبة متأخرة عن الذات، فإنما يفرض أن تكون مع الذات أزلا وأبدا، لأنها معلولة العلم والعلم بها فعلي علي متبوع. وهذه الفرضية موهونة من جهات شتى، إلا أن الكلام في المقام من حيث كونها معلومة بالعلم الحضوري فقط دون غيرها من المعلومات، و في أنه كيف صارت الذات كشفا لها دون غيرها. وكيف يكون تعالى محتاجا إلى هذه الصور في العلم بالأشياء؟! وأي احتياج في العلم بالأشياء بهذه الصور؟! والذي هو كشف تام لا يعقل أن يكون بالعلم الحضوري مشاهدا للصور فقط دون غيرها، فيكون علما ببعض وجهلا ببعض آخر، وإن شئت قلت: كشفا حقيقيا ببعض وكشفا حصوليا ببعض آخر وحكما ببعض آخر. فنسبة العلم الحصولي إليه تعالى مع شدة نوريته ومظهريته لكل معلوم خلف واضح. والأمر الأعجب نفي علمه سبحانه بالجزئيات وأن العلم بها إنما يكون بوساطة الكليات.
قال المولى المحقق الكاشاني: " وصل: قد دريت أن ذاته سبحانه مع وحدته وبساطته كل الأشياء. فعلمه بذاته إذن عين علمه بكل شئ. وقد أفادوا ذلك بقولهم: تجلى بذاته لذاته وذكروا أن حقيقته تعالى من حيث المبدئية عبارة عن التعين الكلي الجامع لجميع التعينات الكلية والجزئية الأزلية والأبدية ويسمى بالتعين الأول.
فعلمه بالتعينات الغير المتناهية الواقعة في جميع العوالم من الأزل إلى الأبد، عين علمه بذاته البسيطة. فذاته سبحانه منطو على الموجودات كلها انطواء أوليا في