النسل إنسانا شأنيا، تأويل بارد ساقط.
وقد تقدم الكلام استقصاء عند البحث عن التعارض بين الدليل النقلي والعقلي، أن تسمية هذا البرهان عقليا مغالطة واضحة قد اصطلحوا عليه وهذا البرهان ليس له الحجية الذاتية التي تدور مدار الكشف الذاتي وليس من سنخ العقل الذي هو نور وإلهام منه سبحانه أفاضه تعالى على النفوس البشرية وحجة بينه تعالى وبين عباده. ولم يدع أحد من أهل البحث والتحقيق مصونية هذا البرهان وعصمته الذاتية. وأنى له حق الأصالة بالنسبة إلى القرآن المجيد المبين المهيمن والروايات المتواترة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام؟! هذا أولا.
وثانيا: إن هذا الفرض مخالف للبراهين الإلهية النورية. ولو صح هذا التأويل وكان هذا هو المراد من الآيات والروايات، يستلزم ذلك أن يكون تعالى - العياذ بالله - مغريا للباطل والضلال وكذلك أولياؤه وحججه الكرام. وربنا سبوح قدوس عن ذلك. وأولياؤه تعالى ساحتهم منزهة عن ارتكابه.
6 - فإن قلت: إن ظاهر الآية يدل على أن الذين كانوا هناك وقالوا: بلى، هم الذين لهم آباء مشركون. فلا يشمل الآية جميع الخلق.
قلت: إن هذا القول إنما أشرك آباؤنا من قبل منهم مفروض في القيامة لا في محفل العهد والميثاق. فإن الآباء والأبناء كلهم كانوا حاضرين فيه في عرض سواء.
والشرك والتغافل حرام بالضرورة العقلية. فالتحليل أنهم تعاهدوا بين يدي ربهم الوفاء بعدم عصيانه تعالى بالشرك والتغافل وبهذا تمت الحجة من الله عليهم، فلا يتمكنون أن يقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم.
7 - فإن قلت: كيف يعقل أن يكون هذه الذرات يعرفون ويعلمون ويتكلمون؟