وروى أيضا في عوذة النبي صلى الله عليه وآله يوم وادي القرى:
وأسألك يا الله بحق هذه الأسماء الجليلة الرفيعة عندك العالية المنيعة التي اخترتها لنفسك واختصصتها لذكرك ومنعتها جميع خلقك وأفردتها عن كل شئ دونك وجعلتها دليلة عليك وسببا إليك. (1) أقول: هذه الروايات الشريفة والروايات الأخرى التي لم نذكرها وكذلك الروايات الواردة في نفي توصيفه تعالى إلا بما وصف به نفسه، فيها دلالة واضحة على أن الواضع لهذه الأسماء الكريمة على نفسه هو الله تعالى نفسه من غير اقتراح المقترحين.
11 - هل الاشتراك في أسمائه تعالى لفظي أو معنوي؟
لا إشكال في أن القول بالاشتراك المعنوي مستلزم لتصوره تعالى في مرحلة إثباته وإطلاق الأسماء عليه سبحانه. والتشبث في دفع الإشكال بأنه تعالى يتصور بالمفاهيم العامة، وتسمية ذلك معرفة بالوجه، لا يفيد في دفع الإشكال شيئا. ضرورة أن منشأ انتزاع المفهوم العام هي الأشياء المحسوسة المحدودة المبائنة لله تعالى، والأمر الانتزاعي تابع لمنشأ انتزاعه، وهو عين الالتزام بتوصيف الخالق بصفة المخلوقين. على أن هذا مخالف لجميع الآيات المباركة والروايات الشريفة الدالة على أن أسماءه تعالى بما لها من المعنى الشخصي القدسي، لا يجوز إطلاقها على غيره تعالى. قال تعالى:
ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون. (2)