أقول: لا يخفى أن الآيات الكريمة والروايات الشريفة الواردة في تفسيرها، صريحة في أن المراد بالقدرية فيها هم المنكرون للقدر. وهؤلاء المنكرون للقدر غير المفوضة الذين سموا بالقدرية أيضا. لأن المفوضة إنما ينكرون القدر في أفعال العباد، وهؤلاء ينكرونه في أفعال الله سبحانه. وأما تسميتهم بالقدرية مع أنهم منكرون له، فيه تأمل وإشكال. ويمكن أن يقال: إن في التسمية يكفي أدنى المناسبة. والله العالم.
5 - الآيات والروايات الدالة على نفي الجبر والتفويض قال تعالى:
ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب.
أقول: كان شعيب سلام الله عليه يعظ قومه وينصحهم ويدعوهم للاستغفار والتوبة عن لجاجهم وتعاندهم لشعيب في دعوته. ولما رأى إصرارهم. هددهم بعذابه تعالى وقال:
اعملوا على مكانتكم، أي: ائتوا جميع ما تقدرون من عصيانكم. فسوف ترون ما يحل بساحتكم من عذاب الله وانتقامه. وإني رقيب لما يفعل ربي بكم من انتقامه. فالآية الكريمة صريحة في أنهم متمكنون وقادرون في عصيانهم بقدر ما أفاض الله عليهم وأمدهم من مواهبه وفيوضاته استدراجا.
قال تعالى:
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا لهم جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا.