بالكليات والجزئيات والأعيان والحوادث الراجعة إليها والشؤون المحتوية بها.
والفرق بين هذين، أن الأول احتجاج واستدلال بإحكام التدبير وإتقان الصنع في إثبات أصل العلم ووجود هذا الكمال والنعت فيه تعالى في مقابل من قال بالنفي والتعطيل، والثاني استدلال في إثبات علمه تعالى بالجزئيات وأن علمه تعالى بجميع ما سواه على نحو الإحاطة والشهود دون التصور في مقابل من قال بعلمه تعالى بالكليات دون الجزئيات. فكل ما مست عليه يد الجعل والإيجاد قد مست عليه يد التقدير والتحديد. فما من موجود وحادثة إلا في كتاب مبين وفي كتاب من قبل أن يبرأه فكيف يمكن أن يقال: إنه تعالى لا يعلم ما قدره وكتبه بعلمه مع تعيين جميع حدوده قبل مرتبة الإيجاد في كتاب نوري مبين؟!
قال تعالى:
وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. (1) بيان: السر من القول ما يقابل الجهر. وقد ذكر تعالى في مقام العلم بهما أنه عليم بذات الصدور. وواضح أنه سبحانه ليس في مقام إثبات العلم بسر القول وجهره من ناحية العلم بذات الصدور. فإن السر والجهر وما في الصدور في عرض سواء من حيث كونه معلوما من غير فرق بالنسبة إليه تعالى. وليس قوله: " بذات الصدور " دليلا على أن العلم بذات الصدور سبب للعلم بسر القول وجهره، بل الظاهر أن ذلك لرفع استبعادهم وتوهمهم في أنه كيف يعلم سر القول. فأزاح تعالى ريب قلوبهم بأنه تعالى يعلم ما في صدورهم مع كونه أغمض وأخفى من سر القول.
ولا يصح أن يقال: إن سر القول عين ما تكنه الصدور. ضرورة أن سر القول ما جرى به اللسان في مقابل ما جهر به وهو غير ذات الصدور. وكيف كان، الآية