مرتبة ذاته محيط بها إحاطة تامة بحيث لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.
فذاته كمجلاة يرى بها وفيها صور الموجودات قاطبة من غير حلول ولا اتحاد إذ الحلول يقتضي وجود شيئين لكل منهما وجود يغاير وجود صاحبه، والاتحاد يستدعي ثبوت أمرين يشتركان في وجود واحد ينسب ذلك الوجود إلى كل منهما بالذات. وقد دريت أن هنالك ليس كذلك وكما أن علمه سبحانه بذاته هو عين ذاته من غير مغايرة بين العلم والعالم والمعلوم بالذات - بل ولا بالاعتبار - فكذلك علمه سبحانه بالأشياء أيضا يجب أن يكون عين ذاته بناء على الانطواء المذكور من دون مغايرة بين الثلاثة بالذات. وإنما المغايرة هنا بحسب الاعتبار من حيث إنه سبحانه إنما هو عين الأشياء في الظهور، وليس هو عين الأشياء في ذواتها.
سبحانه بل هو هو والأشياء أشياء. فإذن الأشياء غيره باعتبار التعين والتقيد ومخالطة الأعدام والنقائص. وإن كانت عينه من حيث الوجود والحقيقة. ومن هنا يعلم أن الأشياء من حيث هي أشياء وباعتبار ذواتها، ليست في مرتبة ذاته تعالى - كان الله ولم يكن معه شئ - وإن كان هو من حيث هو عين الأشياء والعلم بها. والله بكل شئ محيط ". (1) أقول: محصل كلامه: إن علمه تعالى بالأشياء في مرتبة الانطواء مع قطع النظر عن التعينات، هو عين علمه بذاته. إذ مرتبة التعين الكلي ومرتبة الانطواء ومرتبة قطع النظر عن التعينات، ليس إلا نفس الذات وهو عين الأشياء. فالعلم بالذات هو عين العلم بالأشياء بهذا الاعتبار. وأما علمه سبحانه بالأشياء في مرتبة الأشياء، حيث إنه سبحانه هو هو والأشياء أشياء، يحتاج إلى تقريب آخر.
وقال أيضا: " وصل: فعلمه سبحانه بالأشياء من حيث إنه عين ذاته تعالى