وبهذا البيان يتبين الفرق بين لفظ الصفات الواقعة تحت المنع وتنزيهه تعالى عنها وبين الصفات التي صرح بثبوتها وإثباتها الكتاب والسنة.
وأما إطلاق الأسماء اللفظية الواردة في الكتاب والسنة وإجراؤها عليه تعالى، فحيث إنها بالوضع الشخصي في مقابل الذات الخارجة عن الحدين - التشبيه والتعطيل - لا في مقابل المفهوم الجزئي ولا في مقابل المفهوم الكلي - كما هو كذلك عند القائلين بالاشتراك والتشكيك - فليس من باب التوصيف المحرم المنهي عنه. فإن معرفة الموضوع له إنما هو بتعريف نفسه خارجا عن الحدين منزها ومصونا عن التصور والتوهم والتعقل. بداهة أن معرفته تعالى بتعريفه نفسه إلى عباده متأبية عن المعلومية والمفهومية والمعقولية والموهومية والموصوفية. فمعرفة المسمى قبل معرفة الاسم وفي مرتبة متقدمة عليها. وقد سمى الله تعالى نفسه بهذه الأسماء وأمر الناس أن يدعوه تعالى بها كما مر الإشارة إليه في رواية حنان بن سدير المتقدمة، حيث قال:
معرفة عين الشاهد قبل صفته. ومعرفة صفة الغائب قبل عينه.
ومرجع هذا الإطلاق والإجراء، هو تمجيده تعالى وتعظيمه وتكبيره لا كشفه عنه تعالى، على ما هو المتعارف في الدلالات. وكذلك في مرحلة الإفهام والتفهيم والدعوة إليه سبحانه بهذه الأسماء، ليس إلا التذكر به تعالى بذكر هذه الأسماء. فهو سبحانه هو الدال بالدليل عليه والمؤدي بالمعرفة إليه. فأسماء الله تعالى كلها معارف ومعناها ومفادها نفس الذات الخارجة عن الحدين ولا مفهوم لها غير الخارج.
فالعارفون به تعالى يدعونه بهذه الأسماء ويمجدونه بما يعرفونه من الكمالات الغير المتناهية له تعالى.
قوله تعالى: لله المثل الأعلى...
قال ابن منظور: " قال الجوهري: ومثل الشئ أيضا صفته. قال ابن سيدة: