فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين. (1) فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين. (2) ومن الغيب ما لا يدركه وهو ولا عقل، ولا يتصور ولا يدرك، لا لكونه منغمرا في الظلمة، بل لقدسه وعلوه عن المدارك البشرية وشدة ظهوره ونوريته بما لا نهاية له. فمن حيث إنه باطن، لا يمكن إدراكه. ومن حيث إنه نوري الذات، يستحيل الخفاء في حقه. فهو ظاهر في عين بطونه، وباطن في عين ظهوره. والباطن بهذا المعنى قد أطلق عليه تعالى في القرآن الكريم. قال تعالى:
هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم. (3) وإطلاق الغائب عليه تعالى مثل إطلاق الباطن عليه سبحانه. فمعنى الغيب فيه تعالى مبائن مع معانيه التي فيما سواه سبحانه. واستعمال اللفظ في الموردين على سبيل الاشتراك اللفظي.
روى الصدوق مسندا عن أبي البختري وهب بن وهب القرشي، عن أبي عبد الله لصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي الباقر عليهم السلام في قوله الله تبارك وتعالى: قل هو الله أحد قال:
... و " هو " اسم مكنى مشار إلى غائب. فالهاء تنبيه على معنى ثابت.
والواو إشارة إلى الغائب عن الحواس. كما أن قولك: " هذا " إشارة إلى الشاهد عند الحواس. وذلك أن الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف إشارة الشاهد المدرك فقالوا: هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار. فأشر