تعالى، على ما هو صريح الروايات الواردة في هذا الباب، قدر وقضى أن يكون لكل بدن روحا ولكل روح بدنا. فلا محالة يستحيل تغيير هذه السنة الإلهية وتبديلها وتخليطها من حيث تشخص البدن مع روحه والروح مع بدنه وهذه السنة الإلهية حاكمة وحافظة على التخليط والتغيير والتناسخ بالمعنى الذي ذكر. وتمتد هذه السنة الإلهية بعد ورودهم بواسطة النسل إلى عالم الدنيا أيضا. وبعد تمام الدنيا وانتقالهم إلى الآخرة، يرد ويرجع كل روح إلى بدنه الذي قدر الله تعالى له. وكأن المستشكل زعم أن الأبدان الدنياوية غير الأبدان الذرية. وهو خلاف صريح الآية والروايات المباركة. ومن تأمل في هذه الآية والروايات الواردة في ذيلها، لعلم أن الأبدان الذرية وأرواحها هي التي انتقلت إلى عالم الدنيا بعينها وبعد موتها تنتقل إلى عالم البرزخ فتقيم فيه إلى أن ينفخ في الصور فيرجع كل روح إلى بدنه بأمر الله سبحانه فيبعث ويساق إلى موقف الحساب.
5 - فإن قلت: ما تقول فيما قاله عدة من أهل النظر وما هو المتسالم عندهم من أن إنسانية الإنسان بنفسه التي هي أمر وراء المادة حادثة بحدوث هذا البدن الدنيوي والبدن معدلها؟ فعليه لا محصل للقول بوجود عالم الذر واجتماع الإنسان بروحه وبدنه فيه وتقدم الأرواح على الأبدان.
قلت: لو تم هذا البرهان، لاختلت الآيات الدالة على كينونة الإنسان قبل الدنيا مثل قوله تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر... وقوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم... وغيرهما من الآيات التي أوردناها فيما تقدم. وكذلك اختلت الروايات الواردة في تفسيرها وغيرها من الروايات التي ذكرنا أن المولى المحقق صدر الدين الشيرازي ادعى أن خلق الأرواح قبل الأبدان كأنها صارت من ضروريات مذهب الإمامية. وهذا الإشكال لو تم فهو جار وسار في القول بكينونة الإنسان بعد الدنيا بروحه وبدنه أيضا. والقول بكون الإنسان في العوالم قبل