والأعراض الغامرة في ظلمة الغيوب، قد أحصاها تعالى وأحاط بها علمه.
إن قيل: يمكن أن يكون تمجيده تعالى نفسه بسعة العلم لأجل رفع الاستبعاد عن منكري القيامة. فإن اختلاط الموتى مع غيرها واستهلاكها في الأرض وكثرة أعمال العباد بجوارحهم وقلوبهم وتراكمها في طي القرون الخالية المتعاقبة لا توجب بعدا واستعجابا من أمر المعاد لإحاطة علمه تعالى بجميع ما في السماوات والأرض، ولو كان مثقال ذرة.
أقول: علمه تعالى بجميع ما ضل في الأرض من أبدان الموتى وكذلك علمه بأفعالهم وأحوالهم، حق في بابه بحسب الواقع ومقام الثبوت، إلا أن الكلام في دلالة الآية عليه وظهورها في هذا المعنى والآية ليست ظاهرة فيه ظهورا يعتمد عليه.
وأقصى ما يدل عليه الآية، هو تمجيده تعالى والثناء عليه لسعة علمه.
قال تعالى:
وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين. (1) الآية الكريمة ناصة أنه صلى الله عليه وآله لا يكون في شأن من الشؤون ولا في أي حالة من الحالات ولا يعمل العاملون من عمل إذ يدخلون فيه ويشتغلون به إلا كان شهادة وعيانا بجميع ذلك. وبديهي أن المعلوم عين هذه الحوادث بجزئياتها وخصوصياتها، سواء كان حاضرا بالفعل، أو كان منقضيا، وإن كان مثقال ذرة من أي عامل في أي زمان في الأرض أو في السماء.
أما الأخبار الواردة في ذلك:
فروى الصدوق مسندا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن الرضا عليه السلام