عباده - وهو فعله سبحانه - فيعرفونه تعالى معرفة بالحقيقة والعيان. ولا كيف ولا طور لفعله. فلا ينطق السكينة بهذا المعنى على القطع المصطلح المنطقي. فإن القطع المنطقي لا يفيد إلا العلم الحصولي، والحكم والجزم بوجوده سبحانه متصورا بتوسط العناوين والمفاهيم العامة، وسنخه وحقيقته ليس أمرا نوريا وظاهر بذاته ومظهرا لغيره. وهو نظير غيره من الأفعال القلبية والقالبية يكون بكسب الكاسب واختيار العالم طبق القوانين والموازين المقررة في المنطق. وهو غاية طاقة البشر في اكتساب العلم ويجب الجري على طبقه. والأسف أنه ليس له كشف عن ذاته فضلا عن معلومه. فإن الإصابة وعدمها مستور على القاطع وخارج عن اختياره. وليس هو من صنع الله، فلا يكون تعريفا حقيقيا واقعيا. فإن التعريف الواقعي لا يكون إلا بالعلم الواقعي مصونا ومعصوما من حيث ظهوره الذاتي عن الخطأ، مثل تعريفه تعالى نفسه إلى عباده، على ما سنفصله إن شاء الله تعالى.
فإن قيل: إن الله يعصم المؤمن بالعناية العمدية في قطعة في أمثال المقام، فإنه المتولي لقلب المؤمن.
قلنا: أي دليل يدل على إلزامه تعالى وتعهده سبحانه على ذلك؟! هذا أولا.
وثانيا: إن عدة من أفاضل الفلاسفة والعرفاء المتورعين، عند الشروع في تحقيق المطالب وتحريرها، يستمدون منه تعالى ويسألونه نيل الحق وإصابة الواقع. ومع ذلك كله وقع الاختلاف بينهم في مسائل مهمة، مثل اختلافهم في علمه تعالى ونظائره.
وثالثا: ليس الكلام في أن الله تعالى يعصمه أم لا. إنما الكلام في تفسير هذه الآيات والروايات وانطباق السكينة على القطع المصطلح وعلى الكشف وعدمه.
ومما ذكرنا يعلم ما في مكاشفة الصوفي ومشاهدته في باب المعارف الإلهية. بل الأمر فيها أو هن بالنسبة إلى القطيع. فإن القطع طريق عادي عقلائي بالنسبة إلى الأمور العادية وعليه يدور نظام معايش أهل العالم وحياتهم بخلاف المكاشفة، لعدم