عز وجل، فإرادته إحداثه لا غير ذلك. لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية وهي من صفات الخلق. فإرادة الله تعالى هي الفعل لا غير. يقول له:
كن، فيكون، بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر. ولا كيف لذلك، كما أنه بلا كيف ". (1) وقال صدر الدين الشيرازي: " الإرادة فينا شوق متأكد يحصل عقيب داع هو تصور الشئ الملائم تصورا علميا أو ظنيا أو تخيليا، موجب لتحريك الأعضاء الآلية لأجل تحصيل ذلك الشئ. وفي الواجب تعالى لبراءته عن الكثرة والنقص، ولكونه تاما وفوق التمام، تكون عين الداعي وهو نفس علمه الذي هو عين ذاته بنظام الخير في نفس الأمر المقتضي له ". (2) أقول: واضح أن مفاد الرواية الشريفة أجنبي عما ذكره الفيض ولا شهادة ولا دلالة في الرواية على شئ من دعواه. بل هذه الرواية الشريفة وما في سياقها من الروايات في هذا الباب ناصة على بطلان القول بأن الإرادة عين ذاته وعلمه تعالى.
ولا يخفى أن منشأ هذا التوهم وإرجاع الإرادة إلى الذات والعلم، هو ما ذهبوا إليه من أن العلة والموجب لفيضان نظام الخير على الوجه الأصلح الأوفق عنه تعالى، هو علمه بنظام الخير، وثبوت العلم كاف في صدور الفعل عنه تعالى بالوجوب. وقد بسطنا القول في مسألة علمه تعالى وذكرنا أن أحدا من عظماء الفلاسفة البشرية ما تيسر له تحصل هذه المسألة الشريفة الغامضة وأمثلهم طريقة من يقول: إن علمه تعالى بما سواه علم حصولي بوساطة الصور القائمة بذاته تعالى وعلمه بالجزئيات المتجددة المتصرمة من باب الحكم. ونبهنا أن علمه سبحانه هو العيان على نحو الحقيقة والإحاطة من دون حصر وتقييد بالنظام الواحد الأصلح.
فلا نهاية ولا حد لعله تعالى وبالمآل لمعلوماته أيضا من النظامات الحسنى الغير