لمالكيته وقادريته. وحيث إنه سبحانه حكيم لا يختار إلا ما كان مطابقا للحكمة فلا محالة يختار الأفعال الحكيمة، وبديهي أن كون الفعل مطابقا للحكمة، ليس علة لإيجاده، بل القدرة حاكمة عليها، فيفعل ما يفعل عن اقتدار وسلطانه. وحيث إنه لا إيجاب عليه تعالى فيما يختاره ويفعله، فله سبحانه تبديل ما قدره أولا بتقدير جديد بما كان مطابقا للحكمة أيضا عن سلطانه ومالكيته. وهذا هو سر البداء ومنشأه أما إذا كان صدور الفعل إيجابا عليه تعالى، فلا يكون له تعالى قدرة ولا مالكية ولا مشية ولا إرادة. فعليه لا يكون تعالى قادرا ومالكا على الإطلاق، فيبطل توحيده تعالى بالقدرة والمالكية. ومن هنا يعلم أن إنكار البداء الذي هو آية كونه سبحانه قادرا ومالكا، إنكار لعين القدرة والمالكية. فما عظم الله بمثل البداء. وهو سبحانه يملك من الأنام ما يشاء ولا يملكون منه إلا ما يريد. وحيث إن معرفة البداء ونيل أسراره وأغواره والتسليم في قباله عبادة ذاتية فما عبد الله بشئ بمثل البداء. ومن هنا يعلم أيضا شأنه وموقعه في معرفته تعالى وتوحيده أنه ما تنبأ نبي إلا أن يقر بالبداء.
2 - البداء لا يكون إلا عن علم:
روى المجلسي عن البصائر مسندا عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن لله علمين: علم مكنون مخزون لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه ونحن نعلمه. (1) وروى الصدوق، مسندا عن الرضا عليه السلام في ذكر مجلسه مع سليمان المروزي، قال: نعم، رويت عن أبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
إن لله عز وجل علمين: علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو، من ذلك