كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه. (1) ظاهر الآية أن المجرم يتمنى أن لا يؤتى كتاب عمله بيده كي لا يدري ما حسابه وما عمله. فإيتاء الكتاب بيده، موجب لدراية أعماله واطلاعه عليها.
فإن قلت: فما تقول في قوله تعالى: كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين. (2) وقوله تعالى: وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار. (3) قلت: إن صريح هذه الآيات ونظائرها أن موقف هذا السؤال والجواب بعد المحاكمة والمحاسبة وإجراء حكم العدل فيهم وإنفاذ قضائه تعالى على الكافرين والمجرمين. وقد قلنا: إن الآيات الكريمة المتقدمة صريحة في أن الإنسان ينبأ يوم القيامة بما قدم وما أخر. ولو سلم دلالتها، فليس المراد أن الناس كلهم متذكرون كل ما عملوا في الدنيا أو أن الناس كلهم ناسون كل ما عملوا في الدنيا، فلا يكون نقضا لنسيان موقف الميثاق.
3 - فإن قلت: إن ما يترتب على هذا الميثاق هو أن لا يتمكن الناس أن يقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا: إنما أشرك آبائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم. أفتهلكنا بما فعل المبطلون؟! فإذا كان الميثاق منسيا، فما الفائدة فيه؟!
قلت: إن الميثاق باق في نهاية الشدة والقوة. وإنما نسوا الموقف.
4 - فإن قلت: فما تقول فيما أوردوا على القول بوجود عالم الذر من لزوم التناسخ وهو دخول روح إنسان في بدن إنسان آخر؟
قلت: التناسخ - بالمعنى الذري ذكر - يستحيل فرضه في هذا المقام. لأن الله