ذلك، حتى نقل عن بعض الأعيان أنها ثمان مائة آية. وقد أقسم في موارد عديدة على أن المعاد حق لا ريب فيه ولا بد أن يقع، كما قال تعالى:
لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة * أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه * بلى قادرين على أن نسوي بنانه. (1) والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا * فالجاريات يسرا * فالمقسمات أمرا * إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع. (2) وأضف إلى ذلك الروايات الواردة في تفسير هذه الآيات، والروايات الأخرى، خاصة الأدعية والمناجاة التي وردت عن أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم. فهل يجوز تأويل هذه الآيات - بعد ما ذكر من إصراره وإلحاحه تعالى عليها - بما ذكروه من الفرضيات الوهمية؟! فربنا جل مجده، سبوح قدوس أن يريد في هذه الآيات والخطابات الكثيرة غير ما هو محكم الآيات وظواهرها ونصوصها. فإن ذلك إغراء الناس على خلاف الحق والحقيقة. وهو مستحيل منه تعالى بالضرورة.
ثم لا يخفى أن فرض التعارض بين القطعين، ليس المراد منه اجتماع القطعين المتضادين في مورد واحد لشخص واحد - لاستحالة جمع الضدين في مورد واحد - بل الظاهر أن المراد بيان أن حق الأصالة للقطع النقلي. فيجب على أهل التحقيق تذكير القاطع بأن الحقائق المستورة تحت حجب الغيوب لا يمكن نيلها وإدراكها إلا بإفاضته تعالى علمها على سبيل الإعجاز وخرق العادة.
تنبيه: هذا كله في تعارض الدليل النقلي القطعي والدليل العقلي. وأما تعارض خبر الواحد والدليل العقلي، وإن كان تعارضهما أيضا من باب تعارض العقليين - لأن حجيته أيضا مستندة إلى الدليل العقلي - إلا أنه قد تقرر في الأصول أن خبر الواحد الموثوق صدوره ليس بحجة في غير الأحكام الإلهية. فالأولى إيكال أمره