كلها ليس تقديرا واحدا أزليا لا يتغير ولا يتبدل. والآية المبحوثة عنها لا تدل على شئ من ذلك، بل الآية تدل على أن هذه السنة المباركة - مثل سائر سننه تعالى - لا تكون إلا بتقدير حادث. أي: ما يعمر أحد من الناس إلا كان عمره مقدرا، ولا ينقص إلا بتقدير حادث لم يكن أصلا. وكلا التقديرين في كتاب حادث. واستحالة التغيير والتبديل في هذا الكتاب، إنما هو بناء على ما قيل: إن المشية والإرادة عين العلم الثابت الأزلي. وقد تقدم الكلام في ذلك في الأبحاث السابقة. فله تعالى التغيير والتبديل فيما شاء وأراد وقدر وقضى طبق حكمته وعدله وفضله.
11 - عدة من الآيات التي فيها تصريح بأن أمره تعالى كله إبداعي وإبدائي.
قال تعالى:
بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. (1) كما بدأكم تعودون. (2) قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون. (3) كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين. (4) بيان: قال ابن منظور: " قال الجوهري: بدا له في الأمر بداءا - ممدودة - أي:
نشأ له فيه رأي ". (5) وقال أيضا: " في أسماء الله عز وجل المبدئ: هو الذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداء من غير سابق مثال ". (6)